لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 67 - الجزء 2

  وافْتَلَتَ الشيءَ: أَخَذَه في سُرْعة؛ قال قيس ابن ذُرَيْح:

  إِذا افْتَلَتَتْ منك النَّوى ذا مَوَدَّةٍ ... حَبيباً، بتَصْداعٍ من البَيْنِ ذي شَعْبِ،

  أَذاقَتْكَ مُرَّ العَيْشِ، أَو مُتَّ حَسْرَةً ... كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على الأَلْب

  وكان ذلك فَلْتةً أَي فَجْأَة.

  يقال: كان ذلك الأَمرُ فَلْتةً أَي فَجأَة إِذا لم يكن عن تَدَبُّر ولا تَرَدُّدٍ.

  والفَلْتة: الأَمر يقع من غير إِحكام.

  وفي حديث عمر: أَنَّ بيعة أَبي بكر كانت فَلْتةً، وَقى الله شَرَّها.

  قال ابن سيده: قال أَبو عبيد: أَراد فجأَة، وكانت كذلك لأَنها لم يُنْتَظَرْ بها العوامُّ، إِنما ابْتَدَرَها أَكابرُ أَصحاب سيدنا محمد رسول الله، ، من المهاجرين وعامّة الأَنصار، إِلا تلك الطِّيرةَ التي كانت من بعضهم، ثم أَصْفَقَ الكلُّ له، بمعرفتهم أَن ليس لأَبي بكر، ¥، مُنازع ولا شريك في الفضل، ولم يكن يحتاج في أَمره إِلى نظر، ولا مُشاورة؛ وقال الأَزهري: إِنما معنى فَلْتةً البَغْتَة؛ قال: وإِنما عُوجل بها، مُبادَرةً لانْتشارِ الأَمر، حتى لا يَطْمَعَ فيها من ليس لها بموضع؛ وقال حُصَيبٌ الهُذَليُّ:

  كانوا خَبيئةَ نَفْسي، فافْتُلِتُّهمُ ... وكلُّ زادٍ خَبيءٍ، قَصْرُه النَّفَدُ

  قال: افْتُلِتُّهم، أُخِذوا مني فَلْتة.

  زادٌ خبيءٌ: يُضَنُّ به.

  وقال ابن الأَثير في تفسير حديث عمر، ¥، قال: أَراد بالفَلْتةِ الفَجْأَة، ومثلُ هذه البَيْعةِ جَديرةٌ بأَن تكونَ مُهَيِّجةً للشرِّ والفِتنة، فعَصَم الله تعالى من ذلك ووَقى.

  قال: والفَلْتةُ كل شيءٍ فُعِلَ من غير رَوِيَّةٍ، وإِنما بوُدِرَ بها خَوْفَ انتشار الأَمر؛ وقيل: أَراد بالفَلْتة الخَلْسةَ أَي أَن الإِمامة يوم السَّقيفةِ، مالَت الأَنْفُسُ إِلى تَوَلِّيها، ولذلك كَثُرَ فيها التشاجُر، فما قُلِّدَها أَبو بكر إِلا انْتِزاعاً من الأَيْدي واختِلاساً؛ وقيل: الفَلْتَةُ هنا مشتقة من الفَلْتة، آخر ليلةٍ من الأَشْهُر الحُرُم، فيَخْتَلِفون فيها أَمِنَ الحِلِّ هي أَم من الحَرَم؟ فيُسارِعُ المَوْتُور إِلى دَرْكِ الثأْر، فيكثر الفساد، وتُسْفَكُ الدماءُ؛ فشبَّه أَيام النبي، ، بالأَشهر الحرم، ويوم موته بالفَلْتة في وُقوع الشَّرّ، من ارتداد العرب، وتوقف الأَنصار عن الطاعة، ومَنْع من منع الزكاة والجَرْي، على عادة العرب في أَن لا يَسُودَ القبيلةَ إِلا رجلٌ منها.

  والفَلْتة: آخرُ ليلةٍ من الشهر.

  وفي الصحاح: آخر ليلة من كل شهر؛ وقيل: الفَلْتة آخر يوم من الشهر الذي بعده الشهرُ الحرام، كآخر يوم من جُمادى الآخرة؛ وذلك أَن يَرى فيه الرجل ثأْرَه، فربما تَوانَى فيه، فإِذا كان الغَدُ، دَخَلَ الشهرُ الحرامُ، ففاتَه.

  قال أَبو الهيثم: كان للعرب في الجاهلية ساعة يقال لها: الفَلْتة، يُغِيرون فيها، وهي آخر ساعة من آخر يوم من أَيام جُمادى الآخرة، يُغيرون تلك الساعة، وإِن كان هلالُ رَجَب قد طَلَع تلك الساعةَ، لأَن تلك الساعة من آخر جُمادى الآخرة، ما لم تَغِبِ الشَّمسُ؛ وأَنشد:

  والخيلُ ساهِمةُ الوُجُوه ... كأَنما يَقْمُصْنَ مِلْحا،

  صادَفْنَ مُنْصُلَ أَلَّةٍ ... في فَلْتَةٍ، فَحَوَيْنَ سَرْحا

  وقيل: ليلةٌ فَلْتة، هي التي يَنْقُصُ بها الشهرُ ويَتم،