[فصل الفاء]
  فرما رأَى قومٌ الهلالَ، ولم يُبْصِرْه آخرون، فيُغِير هؤُلاءِ على أُولئك، وهم غارُّونَ، وذلك في الشهر؛ وسميت فَلْتةً، لأَنها كالشيءِ المُنْفَلِتِ بعد وَثاق؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
  وغارة، بينَ اليَوْم والليلِ، فَلْتَة ... تَدارَكْتُها رَكْضاً بسِيدٍ عَمَرَّدِ
  شبه فرسه بالذِّئب؛ وقال الكميت:
  بفَلْتةٍ، بين إِظلامٍ وإِسْفار
  والجمع فَلَتاتٌ، لا يُتَجاوَزُ بها جمع السلامة.
  وفي حديث صفةِ مَجْلِس النبي، ﷺ: ولا تُنْثى فلَتاتُه أَي زَلَّاتُه.
  الفَلَتاتُ: الزَّلَّاتُ؛ والمعنى أَنه، ﷺ، لم يكن في مجلسه فَلَتاتٌ أَي زَلَّاتٌ فَتُنْثى أَي تُذْكَرَ أَو تُحْفَظَ وتُحْكى، لأَن مجلسه كان مَصُوناً عن السَّقَطاتِ واللَّغْو، وإِنما كان مَجْلِسَ ذِكْرٍ حَسَنٍ، وحِكَمٍ بالغةٍ، وكلامٍ لا فُضُولَ فيه.
  وافْتُلِتَتْ نَفْسُه: ماتَ فَلْتةً.
  ابن الأَعرابي: يقال للموت الفَجْأَةِ الموتُ الأَبْيضُ، والجارفُ، واللافِتُ، والفاتِلُ.
  يقال: لَفَته الموتُ، وفَتَله، وافْتَلَتَه؛ وهو الموتُ الفَوات والفُوات: وهو أَخْذةُ الأَسف، وهو الوَحيُّ؛ والموتُ الأَحْمر: القتلُ بالسيف.
  والموتُ الأَسْود: هو الغَرَقُ والشَّرَقُ.
  وافْتُلِتَ فلانٌ، على ما لم يُسَمَّ فاعله، أَي مات فجْأَةً.
  وفي حديث النبي، ﷺ: أَن رجلاً أَتاه، فقال: يا رسول الله، إِن أُمي افْتُلِتَتْ نَفْسُها فماتَتْ، ولم تُوصِ، أَفأَتَصَدَّقُ عنها؟ فقال: نعم؛ قال أَبو عبيد: افْتُلِتَتْ نفسُها، يعني ماتَتْ فجأَة، ولم تَمْرَضْ فتُوصِيَ، ولكنها أُخِذَتْ نَفْسُها فَلْتةً.
  يقال: افْتَلَتَه إِذا اسْتَلَبه.
  وافْتُلِتَ فلانٌ بكذا أَي فوجِئَ به قبل أَن يَسْتَعِدَّ له.
  ويروى بنصب النفس ورفعها؛ فمعنى النصب افْتَلَتها الله نَفْسها، يتعدّى إِلى مفعولين، كما تقول اخْتَلَسه الشيءَ واسْتَلَبَه إِياه، ثم بُني الفعل لِما لم يسمَّ فاعله، فتحوّل المفعول الأَول مضمراً، وبقي الثاني منصوباً، وتكون التاءُ الأَخيرة ضمير الأُم أَي افْتُلِتَتْ هي نَفْسَها؛ وأَما الرفع فيكون متعدّياً إِلى مفعول واحد أَقامه مقام الفاعل، وتكون التاءُ للنفس أَي أُخِذَتْ نفسُها فَلْتةً، وكلُّ أَمر فُعِلَ على غيرِ تَلَبُّثٍ وتَمَكُّثٍ، فقد افْتُلِتَ، والاسم الفَلْتة.
  وكِساءٌ فَلُوت: لا ينضم طرفاه على لابسه من صغره.
  وثوب فَلوت: لا ينضم طرفاه في اليد؛ وقول مُتَمِّم في أَخيه مالك:
  عليه الشَّمْلةُ الفَلُوتُ
  يعني التي لا تَنْضَمُّ بين المَزادتين.
  وفي حديث ابن عمر: أَنه شهد فتح مكة، ومعه جَمَل جَزورٌ وبُرْدة فَلُوتٌ.
  قال أَبو عبيد: أَراد أَنها صغيرة، لا ينضم طرفاها، فهي تُفْلِتُ من يده إِذا اشتمل بها.
  ابن الأَعرابي: الفَلُوتُ الثوبُ الذي لا يثبت على صاحبه، للِينه أَو خُشُونته.
  وفي الحديث: وهو في بُرْدةٍ له فَلْتةٍ أَي ضيقة صغيرى لا ينضم طرفاها، فهي تَفَلَّتُ من يده إِذا اشتمل بها، فسماها بالمَرَّة من الانْفلات؛ يقال: بُرْد فَلْتة وفَلُوتٌ.
  وافْتَلَتَ الكلامَ واقْتَرحه إِذا ارْتَجله، وافْتَلَتَ عليه: قضَى الأَمْر دونَه.
  والفَلَتان: طائر زعموا أَنه يصيد القِرَدة.