[فصل الراء]
  فيا حُبَّها زِدْني هَوًى كلَّ ليلةٍ ... ويا سَلْوةَ الأَيامِ مَوْعِدُكِ الحَشْرُ
  عَجِبْتُ لِسَعْيِ الدَّهْرِ بيني وبينَها ... فلما انْقَضَى ما بيننا، سَكَنَ الدَّهْرُ
  قال ابن بري: معناه أَن الدَّهْرَ كان يَسْعَى بينه وبينها في إِفساد الوصل، فلما انقضَى ما بينهما من الوَصْل، وعادَ إِلى الهَجْر، سَكَنَ الدهرُ عنهما؛ وإِنما يريد بذلك: سَعْيَ الوُشاةِ، فنسَبَ الفعلَ إِلى الدهْر، مجازاً لوقوع ذلك فيه، وجَرْياً على عوائد الناس في نسبة الحوادث إِلى الزمان؛ قال المستملي من الشيخ أَبي محمد بن بري، رحمهما الله تعالى؛ قال: لما أَملانا الشيخ قوله:
  وتَنْبُتُ، في أَطْرافِها، الوَرَقُ الخُضْرُ
  ضَحِكَ، ثم قال: هذا البيتُ كان السببَ في تَعَلُّمي العربية فقلنا له: وكيف ذلك؟ قال: ذكر لي أَبي، برِّيٌّ، أَنه رأَى في المنام قبل أَن يُرْزَقَني، كأَنَّ في يده رُمْحاً طويلًا، في رأْسه قِنْديلٌ، وقد عَلَّقه على صخرة بيتِ المَقْدس، فعُبِّرَ له بأَن يُرْزَقَ ابناً يَرْفَعُ ذِكْرَه بعِلم يَتَعلَّمه، فلما رُزِقَني، وبَلَغْتُ خمسَ عشرة سنةً، حَضَر إِلى دُكَّانه، وكان كُتْبِيّاً، ظافرٌ الحدادُ وابنُ أَبي حَصِينة، وكلاهما مشهورٌ بالأَدب؛ فأَنشد أَبي هذا البيت:
  تَكادُ يَدِي تَنْدَى، إِذا لمَسْتُها ... وتَنْبُتُ، في أَطْرافِها، الوَرَقُ الخُضْرُ
  وقال: الورقُ الخُضْرِ، بكسر الراء، فضحِكا منه لِلَحْنه؛ فقال: يا بُنَيَّ، أَنا منتظر تفسير منامي، لعلَّ الله يَرْفَعُ ذِكْرِي بك، فقلتُ له أَيَّ العُلوم تَرَى أَن أَقرأَ؟ فقال لي اقرإِ النحوَ حتى تُعَلِّمني، فكنت أَقرأُ على الشيخ أَبي بكر محمد بن عبد الملك ابن السَّرَّاج، |، ثم أَجيء فأُعلمه.
  وفي الحديث: أَن رجلاً أَتى النبي، ﷺ، فقال: إِنَّا نَرْكَبُ أَرْماثاً لنا، في البحر، ولا ماءَ معنا، أَفَنَتَوَضَّأُ بماء البحر؟ فقال: هو الطَّهورُ ماؤُه، الحِلُّ مَيْتَتُه؛ قال الأَصمعي: الأَرْماثُ جمع رَمَثٍ، بفتح الميم: خَشَب يُضَمُّ بعضُه إِلى بعض، ويُشَدُّ، ثم يُرْكَبُ في البحر.
  والرَّمَثُ: الطَّوْفُ، وهو هذا الخَشَبُ، فَعَلٌ بمعنى مفعول، من رَمَثْتُ الشيءَ إِذا لمَمْتَه وأَصْلَحته.
  والرَّمَثُ: الحَبْلُ الخَلَق، وجمعه أَرماثٌ ورِماثٌ.
  وحبْلٌ أَرماثٌ أَي أَرمام؛ كما قالوا: ثَوْب أَخلاقٌ.
  وفي حديث عائشة، ^: نَهَيْتُكم عن شُرْب ما في الرِّماثِ والنَّقير؛ قال أَبو موسى: إِن كان اللفظ محفوظاً، فلعله من قولهم: حَبْلٌ أَرماثٌ أَي أَرمام، ويكون المراد به الإِناء الذي قد قَدُمَ وعَتُقَ، فصارت فيه ضَراوةٌ بما يُنْبَذُ فيه، فإِنَّ الفساد يكون إِليه أَسْرَعَ.
  ابن الأَعرابي: الرَّمَثُ الحَبْلُ المُنْتَكِثُ.
  والرَّمْثُ: السَّرِقة؛ يقال: رَمَثَ يَرْمِثُ رَمْثاً إِذا سَرَق.
  وفي نَواجر الأَعراب: لفلان على فلان رَمَثٌ ورَمَلٌ أَي مَزِيَّة؛ وكذلك عليه فَوَر ومُهْلة ونَفَلٌ.
  والرَّمَّاثة: الزَّمَّارة.
  والرُّمَيْثةُ: موضع؛ قال النابغة:
  إِنَّ الرُّمَيْثةَ مانعٌ أَرْماحُنا ... ما كانَ من سَحَمٍ بها، وصَفارِ
  روث: الرَّوْثَةُ: واحدة الرَّوْثِ والأَرواثِ؛ وقد راثَ الفرسُ.
  وفي المثل: أَحُشُّكَ وتَرُوثُني.
  ابن سيده: الرَّوْثُ رَجِيعُ ذي الحافر، والجمع