لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 56 - الجزء 5

  وقيل: الفَطْر مأْخوذ من تَفَطَّرَتْ قدماه دماً أَي سالَتا، وقيل: سمي فَطْراً لأَنه شبّه بفَطْرِ ناب البعير لأَنه يقال: فَطَرَ نابُه طلع، فشبّه طلوع هذا من الإِحْليلِ بطلوع ذلك.

  وسئل عمر، ¥، عن المذي فقال: ذلك الفَطْرُ؛ كذا رواه أَبو عبيد بالفتح، ورواه ابن شميل: ذلك الفُطْر، بضم الفاء؛ قال ابن الأَثير: يروى بالفتح والضم، فالفتح من مصدر فَطَرَ نابُ البعير فَطْراً إذا شَقّ اللحم وطلع فشُبِّه به خروج المذي في قلته، أَو هو مصدر فَطَرْتُ الناقة أَفْطُرُها إذا حلبتها بأَطراف الأَصابع، وأَما الضم فهو اسم ما يظهر من اللبن على حَلَمة الضَّرْع.

  وفَطَرَ نابُه إِذا بَزَل؛ قال الشاعر:

  حتى نَهَى رائِضَه عن فَرِّه ... أَنيابُ عاسٍ شَاقِئٍ عن فَطْرِه

  وانْفَطر الثوب إِذا انشق، وكذلك تَفَطَّر.

  وتَفَطَّرَت الأَرض بالنبات إِذا تصدعت.

  وفي حديث عبد الملك: كيف تحلبها مَصْراً أَم فَطْراً؟ هو أَن تحلبها بإصبعين بطرف الإِبهام.

  والفُطْر: ما تَفَطَّر من النبات، والفُطْر أَيضاً: جنس من الكَمْءِ أَبيض عظام لأَن الأَرض تَنْفطر عنه، واحدته فُطْرةٌ.

  والفِطْرُ: العنب إِذا بدت رؤوسه لأَن القُضْبان تتَفَطَّر.

  والتَّفاطِيرُ: أَول نبات الرَسْمِيّ، ونظيره التَّعاشِيب والتَّعاجيب وتَباشيرُ الصبحِ ولا واحد لشيء من هذه الأَربعة.

  والتَّفاطير والنَّفاطير: بُثَر تخرج في وجه الغلام والجارية؛ قال:

  نَفاطيرُ الجنونِ بوجه سَلْمَى ... قديماً، لا تفاطيرُ الشبابِ

  واحدتها نُفْطور.

  وفَطَر أَصابعَه فَطْراً: غمزها.

  وفَطَرَ الله الخلق يَفْطُرُهم: خلقهم وبدأَهم.

  والفِطْرةُ: الابتداء والاختراع.

  وفي التنزيل العزيز: الحمد لله فاطِرِ السمواتِ والأَرضِ؛ قال ابن عباس، ®: ما كنت أَدري ما فاطِرُ السماوات والأَرض حتى أَتاني أَعرابيّان يختصمان في بئر فقال أَحدهما: أَنا فَطَرْتُها أَي أَنا ابتدأْت حَفْرها.

  وذكر أَبو العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول: أَنا أَول من فَطَرَ هذا أَي ابتدأَه.

  والفِطْرةُ، بالكسر: الخِلْقة؛ أَنشد ثعلب:

  هَوِّنْ عليكَ فقد نال الغِنَى رجلٌ ... في فِطْرةِ الكَلْب، لا بالدِّينِ والحَسَب

  والفِطْرةُ: ما فَطَرَ الله عليه الخلقَ من المعرفة به.

  وقد فَطَره يَفْطُرُه، بالضم، فَطْراً أَي خلقه.

  الفراء في قوله تعالى: فِطْرَةَ الله التي فَطَرَ الناسَ عليها، لا تبديل لخلق الله؛ قال: نصبه على الفعل، وقال أَبو الهيثم: الفِطْرةُ الخلقة التي يُخْلقُ عليها المولود في بطن أُمه؛ قال وقوله تعالى: الذي فَطَرَني فإِنه سَيَهْدين؛ أَي خلقني؛ وكذلك قوله تعالى: وما لِيَ لا أَعبدُ الذي فَطَرَني.

  قال: وقول النبي، : كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ؛ يعني الخِلْقة التي فُطِرَ عليها في الرحم من سعادةٍ أَو شقاوة، فإِذا ولَدَه يهوديان هَوَّداه في حُكْم الدنيا، أَو نصرانيان نَصَّرَاه في الحكم، أَو مجوسيان مَجَّساه في الحُكم، وكان حُكْمُه حُكْمَ أَبويه حتى يُعَبِّر عنه لسانُه، فإِن مات قبل بلوغه مات على ما سبق له من الفِطْرةِ التي فُطرَ عليها فهذه فِطْرةُ المولود؛ قال: وفِطْرةٌ ثانية وهي الكلمة التي يصير بها العبد مسلماً وهي شهادةُ أَن لا إله إلا الله وأَن محمداً رسوله جاء بالحق من عنده فتلك الفِطْرةُ للدين؛ والدليل على ذلك حديث البَرَاءِ بن عازِب، ¥، عن النبي، :