لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الهمزة]

صفحة 11 - الجزء 9

  تعالى: أَهلكت أَصحاب الفيل لأُولِف قريشاً مكة، ولِتُؤَلِّف قريش رحلة الشتاء والصيف أَي تَجْمَعَ بينهما، إذا فرغوا من ذه أَخذوا في ذه، وهو كما تقول ضربته لكذا لكذا، بحذف الواو، وهي الأُلْفةُ.

  وأْتَلَفَ الشيءُ: أَلِفَ بعضُه بعضاً، وأَلَّفَه: جمع بعضه إلى بعض، وتَأَلَّفَ: تَنَظَّمَ.

  والإِلْف: الأَلِيفُ.

  يقال: حَنَّتِ الإِلْفُ إلى الإِلْفِ، وجمع الأَلِيف أَلائِفُ مثل تَبِيعٍ وتَبائِعَ وأَفِيلٍ وأَفائِلَ؛ قال ذو الرمة:

  فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه ... يَرْتادُ أَحْلِيةٍ اعْجازُها شَذَبُ

  والأُلَّافِ: جمع آلِفٍ مثل كافِرٍ وكُفّارٍ.

  وتأَلَّفَه على الإِسْلام، ومنه المؤَلَّفة قلوبُهم.

  التهذيب في قوله تعالى: لو أَنْفَقْتَ ما في الأَرض جميعاً ما أَلَّفْت بين قلوبهم، قال: نزلت هذه الآية في المُتَحابِّينَ في اللَّه، قال: والمؤَلَّفةُ قلوبهم في آية الصَّدَقات قومٌ من سادات العرب أَمر اللَّه تعالى نبيه، ، في أَول الإِسلام بتَأَلُّفِهم أَي بمُقارَبَتِهم وإعْطائهم ليُرَغِّبوا مَن وراءهم في الإِسلام، فلا تَحْمِلهم الحَمِيَّةُ مع ضَعْف نِيّاتِهم على أَن يكونوا إلْباً مع الكفار على المسلمين، وقد نَفَّلهم النبي، ، يوم حُنَيْن بمائتين من الإِبل تأَلُّفاً لهم، منهم الأَقْرَعُ بن حابِسٍ التميمي، والعباسُ بن مِرْداسٍ السُّلَمِيّ، وعُيَيْنةُ بن حِصْن الفَزارِيُّ، وأَبو سفيانَ بن حَرْبٍ، وقد قال بعض أَهل العلم: إن النبي، ، تأَلَّفَ في وقتٍ بعض سادةِ الكفار، فلما دخل الناس في دين اللَّه أَفْواجاً وظهر أَهلُ دين اللَّه على جميع أَهل المِلَل، أَغنى اللَّه تعالى، وله الحمد، عن أَن يُتَأَلَّف كافرٌ اليومَ بمال يُعْطى لظهور أَهل دينه على جميع الكفار، والحمد للَّه رب العالمين؛ وأَنشد بعضهم:

  إلافُ اللَّه ما غَطَّيْت بَيْتاً ... دَعائِمه الخِلافةُ والنُّسُورُ

  قيل: إلافُ اللَّه أَمانُ اللَّه، وقيل: منزِلةٌ من اللَّه.

  وفي حديث حنين: إني أُعْطِي رجالاً حدِيثي عهد بكُفْرٍ أَتأَلَّفُهم؛ التأَلُّفُ: المُداراةُ والإِيناسُ ليَثْبُتُوا على الإِسلام رَغْبةً فيما يَصِلُ إليهم من المال؛ ومنه حديثُ الزكاةِ: سَهْمٌ للمؤلَّفة قلوبهم.

  والإِلْفُ: الذي تأْلَفُه، والجمع آلافٌ، وحكى بعضهم في جمع إلْفٍ اُلُوفٌ.

  قال ابن سيده: وعندي أَنه جمع آلِفٍ كشاهِدٍ وشُهودٍ، وهو الأَلِيفُ، وجمعه أُلَفاءُ والأُنثى آلِفةٌ وإلْفٌ؛ قال:

  وحَوْراء المَدامِعِ إلْف صَخْر

  وقال:

  قَفْرُ فَيافٍ، تَرى ثَوْرَ النِّعاجِ بها ... يَروحُ فَرْداً، وتَبْقى إلْفُه طاوِيه

  وهذا من شاذ البسيط لأَن قوله طاوِيه فاعِلُنْ وضربُ البسيط لا يأْتي على فاعلن، والذي حكاه أَبو إسحَق وعزاه إلى الأَخفش أن أَعرابيّاً سئل أَن يصنع بيتاً تامّاً من البسيط فصنع هذا البيت، وهذا ليس بحُجة فيُعْتَدَّ بفاعلن ضرباً في البسيط، إنما هو في موضوع الدائرة، فأَمّا المستعمل فهو فعِلن وفَعْلن.

  ويقال: فلان أَلِيفي وإلْفي وهم أُلَّافي، وقد نَزَعَ البعير إلى أُلَّافه؛ وقول ذي الرمة:

  أَكُنْ مِثْلَ ذي الأُلَّاف، لُزَّتْ كُراعُه ... إلى أُخْتِها الأُخْرى، ووَلَّى صَواحِبُه