لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

حرف الكاف

صفحة 391 - الجزء 10

  لهذه الأَفيكة وهي الكَذْبة العظيمة.

  والأَفْكُ، بالفتح: مصدر قولك أَفَكَهُعن الشيء يَأْفِكُه أَفْكاً صرفه عنه وقلبه، وقيل: صرفه بالإِفك؛ قال عمرو بن أُذينة⁣(⁣١).

  إِن تَكُ عن أَحْسَنِ المُروءَة مَأْفُوكاً ... ففي آخِرِينَ قد أُفِكُوا⁣(⁣٢)

  يقول: إِن لم تُوَفَّقْ للإِحسان فأَنت في قوم قد صرفوا من ذلك أَيضاً.

  وفي حديث عرض نفسه على قبائل العرب: لقد أُفِكَ قومٌ كذَّبوك ظاهروا عليك أَي صُرِفوا عن الحق ومنعوا منه.

  وفي التنزيل: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال الفراء: يريد يُصْرَفُ عن الإِيمان من صُرِف كما قال: أَجئتَنا لتَأْفكَنَا عن آلهتنا؛ يقول: لتصرفنا وتصدنا.

  والأَفَّاك: الذي يَأْفِكُ الناس أَي يصدهم عن الحق بباطله.

  والمَأْفوك: الذي لا زَوْرَ له.

  شمر: أُفِك الرجلُ عن الخير قلب عنه وصرف.

  والمُؤْتفِكات: مَدائن لوط، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، سميت بذلك لانقلابها بالخَسْف.

  قال تعالى: والمُؤْتَفِكةَ أَهْوى، وقوله تعالى: والمُؤْتِفكات أَتتهم رسلهم بالبينات؛ قال الزجاج: المؤْتفكات جمع مُؤْتَفِكة، ائْتَفَكَتْ بهم الأَرض أَي انقلبت.

  يقال: إِنهم جمع من أَهلك كما يقال للهالك قد انقلبت عليه الدنيا.

  وروى النضر بن أَنس عن أَبيه أَنه قال: أَي بنيّ لا تنزلنَّ البصرة فإِنها إِحدى المُؤْتَفِكات قد ائْتَفَكَت بأَهلها مرتين هي مُؤْتَفِكة بهم الثالثة قال شمر: يعني بالمُؤتفكة أَنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها.

  والائْتِفاك عند أَهل العربية: الانقلاب كقريات قوم لوط التي ائْتَفَكتْ بأَهلها أَي انقلبت، وقيل: المُؤْتَفِكاتُ المُدُن التي قلبها الله تعالى على قوم لوط، #.

  وفي حديث سعيد بن جبير وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: فمن أَصابته تلك الافكة أَهلكته، يريد العذاب الذي أَرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم.

  يقال: ائْتَفَكَت البلدة بأَهلها أَي انقلبت، فهي مُؤتَفِكة.

  وفي حديث بشير بن الخصَّاصية: قال له النبي، : ممن أَنت؟ قال: من ربيعة، قال: أَنتم تزعمون لولا ربيعةُ لائْتَفَكت الأَرضُ بمن عليها أَي انقلبت.

  والمُؤْتَفِكاتُ: الرِّياح تختلف مَهابّهُا.

  والمُؤْتَفِكات: الرياح التي تقلب الأَرض، تقول العرب: إِذا كثرت المؤْتفكات زَكَتِ الأَرضُ أَي زكازرعها؛ وقول رؤبة:

  وجَوْن خَرقٍ بالرياح مُؤتَفك

  أَي اختلفت عليه الرياح من كل وجه.

  وأَرض مَأْفوكة: وهي التي لم يصبها المطر فأَمحلت.

  ابن الأَعرابي: ائْتَفَكت تلك الأَرضُ أَي احترَقتْ من الجدب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

  كأَنها، وهي تَهاوَى تَهْتَلِك ... شَمْسٌ بِظلٍّ، ذا بهذا يَأْتَفِك

  قال يصف قَطاةً باطِن جناحيها أَسود وظاهره أَبيض فشبه السواد بالظلمة وشبه البياض الشمس، يَأْتَفِك: ينقلب.

  والمَأْفوك: المأْفون وهو الضعيف العقل والرأْي.

  وقوله تعالى: يُؤْفَكُ عنه مَن أُفِكَ؛ قال مجاهد: يُؤْفن عنه من أُفِنَ.

  وأُفِنَ الرجل: ضعف رأْيه، وأَفَنَه الله.

  وأُفِكَ الرجل: ضعف عقله ورأْيه، قال: ولم يستعمل أَفَكه الله بمعنى أَضعف عقله وإِنما أَتى أَفَكه بمعنى صرفه، فيكون المعنى في الآية يصرف عن


(١) قوله [عمرو بن أُذينة] الذي في الصحاح وشرح القاموس: عروة.

(٢) قوله [أحسن المروءة] رواية الصحاح: أحسن الصنيعة.