لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 463 - الجزء 12

  يتَقَحَّم جرَاثِيمَ جهنم فلْيَقْضِ في الجَدِّ أي يرمي بنفسه في مَعاظِم عذابها.

  وفي حديث ابن مسعود: مَنْ لَقِيَ الله لا يُشرك به شيئاً غَفر له المُقْحِماتِ أي الذنوبَ العِظامِ التي تُقْحِمُ أَصحابها في النار أي تُلقيهم فيها.

  وفي التنزيل: فلا اقْتَحَم العقبةَ؛ ثم فسر اقْتِحامَها فقال: فَكَّ رقَبةً أَو أَطْعَمَ، وقرئ: فَكُّ رقبةٍ أَو إطْعامٌ، ومعنى فلا اقتحمَ العقبة أي فلا هو اقتحم العقبة، والعرب إذا نفت بلا فِعْلاً كررتها كقوله: فلا صَدَّق ولا صَلَّى، ولم يكررها ههنا لأَنه أَضمر لها فعلاً دل عليه سياق الكلام كأَنه قال: فلا أَمن ولا اقْتَحَمَ العقبة، والدليل عليه قوله: ثم كان من الذين آمنوا.

  واقتحمَ النجمُ إذا غاب وسَقط؛ قال ابن أَحمر:

  أُراقِبُ النجمَ كأَني مُولَع ... بحيْثُ يَجْري النجمُ حتى يقْتَحِم

  أي يسقط؛ وقال جرير في التقدم:

  همُ الحامِلونَ الخَيلَ حتى تقَحَّمَت ... قَرابِيسُها، وازدادَ مَوجاً لُبُودها

  والقُحَمُ: الأُمور العِظام التي لا يَركبها كل أَحد.

  وللخصومة قُحَم أَي أَنها تَقْحَمُ بصاحبها على ما لا يريده.

  وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: أَنه وكَّلَ عبدَ الله بن جعفر بالخُصومة، وقال: إن للخُصومةِ قُحَماً، وهي الأُمور العظام الشاقة، واحدتها قُحْمةٌ، قال أَبو زيد الكلابي: القُحَم المَهالك؛ قال أَبو عبيد: وأَصله من التَّقَحُّم، ومنه قُحْمة الأَعْراب، وهو كله مذكور في هذا الفصل؛ وقال ذو الرمة يصف الإِبل وشدة ما تلقى من السير حتى تُجْهِض أَولادها:

  يُطَرِّحْنَ بالأَوْلادِ أَو يَلْتَزمْنها ... على قُحَمٍ، بينَ الفَلا والمَناهِل

  وقال شمر: كل شاقّ صَعْب من الأُمور المُعضِلة والحروب والديون فهي قُحَم؛ وأَنشد لرؤْبة:

  مِنْ قُحَمِ الدَّيْنِ وزُهْدِ الأَرْفاد

  قال: قُحَمُ الدين كثرته ومَشقَّته؛ قال ساعدة بن جؤية:

  والشَّيْبُ داءٌ نَحِيسٌ، لا دواءَ له ... للمَرءِ كان صَحيحاً صائِبَ القُحَمِ

  يقول: إذا تقَحَّمَ في أَمر لم يَطِش ولم يُخْطِئ؛ قال: وقال ابن الأَعرابي في قوله:

  قومٌ إذا حارَبوا، في حَرْبِهم قُحَمُ

  قال: إقدام وجُرأَة وتقَحُّم، وقال في قوله: مَن سرَّه أَن يتَقَحَّم جَراثِيمَ جهنم؛ قال شمر: التَّقحُّم التقدُّم والوُقوعُ في أُهْوِيّة وشدّة بغير روية ولا تثبت؛ وقال العجاج:

  إذا كُلِي واقْتُحِمَ المَكْلِيُّ

  يقول: صُرِعَ الذي أُصِيبت كُلْيَتُه.

  وقُحَمُ الطريق: ما صَعُبَ منها.

  واقْتَحَم المنزل: هَجَمه.

  واقْتَحم الفَحْلُ الشَّوْلَ: اهْتَجَمها من غير أَن يُرْسَلَ فيها.

  الأَزهري: المَقاحِيمُ من الإِبل التي تَقْتَحِم فتَضْرب الشول من غير إرسال فيها، والواحد مِقْحام؛ قال الأَزهري: هذا من نعت الفُحول.

  والإِقْحامُ: الإِرْسال في عجلة.

  وبعير مُقْحَم: يذهب في المفازة من غير مُسِيم ولا سائق؛ قال ذو الرمة:

  أو مُقْحَم أَضْعفَ الإِبْطانَ حادِجُه ... بالأَمْسِ، فاسْتَأْخَرَ العِدْلان والقتَبُ

  قال: شبَّه به جَناحَي الظليم.

  وأَعْرابي مُقْحَم: نشأَ في البَدْو والفَلوَات لم يُزايِلها.

  وقَحَم المنازل: طَواها؛ وقول عائذ بن منقذ العَنْبري أَنشده ابن الأَعرابي: