لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 561 - الجزء 12

  لعذّبنا الذين كفروا؛ ومنها التي في الفعل المستقبل المؤكد بالنون كقوله تعالى: لَيُسْجَنَنّ وليَكُونَن من الصاغرين؛ ومنها لام جواب القسم، وجميعُ لاماتِ التوكيد تصلح أَن تكون جواباً للقسم كقوله تعالى: وإنّ منكم لَمَنْ لَيُبَطئَنّ؛ فاللام الأُولى للتوكيد والثانية جواب، لأَنّ المُقْسَم جُمْلةٌ توصل بأخرى، وهي المُقْسَم عليه لتؤكِّدَ الثانيةُ بالأُولى، ويربطون بين الجملتين بحروف يسميها النحويون جوابَ القسَم، وهي إنَّ المكسورة المشددة واللام المعترض بها، وهما يمعنى واحد كقولك: والله إنّ زيداً خَيْرٌ منك، وو اللَّه لَزَيْدٌ خيرٌ منك، وقولك: والله ليَقومَنّ زيدٌ، إذا أدخلوا لام القسم على فعل مستقبل أَدخلوا في آخره النون شديدة أَو خفيفة لتأْكيد الاستقبال وإِخراجه عن الحال، لا بدَّ من ذلك؛ ومنها إن الخفيفة المكسورة وما، وهما بمعنى كقولك: واللَّه ما فعَلتُ، وو اللَّه إنْ فعلتُ، بمعنى؛ ومنها لا كقولك: واللَّه لا أفعَلُ، لا يتصل الحَلِف بالمحلوف إلا بأَحد هذه الحروف الخمسة، وقد تحذف وهي مُرادةٌ.

  قال الجوهري: واللام من حروف الزيادات، وهي على ضربين: متحركة وساكنة، فأَما الساكنة فعلى ضربين: أَحدهما لام التعريف ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الوصل ليصح الابتداء بها، فإِذا اتصلت بما قبلها سقَطت الأَلفُ كقولك الرجُل، والثاني لامُ الأَمرِ إِذا ابْتَدَأتَها كانت مكسورة، وإِن أَدخلت عليها حرفاً من حروف العطف جاز فيها الكسرُ والتسكين كقوله تعالى: ولِيَحْكُم أَهل الإِنجيل؛ وأما اللاماتُ المتحركة فهي ثلاثٌ: لامُ الأَمر ولامُ التوكيد ولامُ الإِضافة.

  وقال في أَثناء الترجمة: فأَما لامُ الإِضافةِ فعلى ثمانية أضْرُبٍ: منها لامُ المِلْك كقولك المالُ لِزيدٍ، ومنها لامُ الاختصاص كقولك أخ لِزيدٍ، ومنها لام الاستغاثة كقول الحرث بن حِلِّزة:

  يا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأَرْبِعاء، أما ... يَنْفَكُّ يُحْدِث لي بعد النُّهَى طَرَبا؟

  واللامان جميعاً للجرّ، ولكنهم فتحوا الأُولى وكسروا الثانية ليفرقوا بين المستغاثِ به والمستغاثَ له، وقد يحذفون المستغاث به ويُبْقُون المستغاثَ له، يقولون: يا لِلْماءِ، يريدون يا قومِ لِلْماء أَي للماء أَدعوكم، فإن عطفتَ على المستغاثِ به بلامٍ أخرى كسرتها لأَنك قد أمِنْتَ اللبس بالعطف كقول الشاعر:

  يا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ

  قال ابن بري: صواب إنشاده:

  يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ للعجب

  والبيت بكماله:

  يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ ... يا لَلْكهول وللشبّان للعجب

  وقول مُهَلْهِل بن ربيعة واسمه عديّ:

  يا لَبَكْرٍ أنشِروا لي كُلَيْباً ... يا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ؟

  استغاثة.

  وقال بعضهم: أَصله يا آلَ بكْرٍ فخفف بحذف الهمزة كما قال جرير يخاطب بِشْر بن مَرْوانَ لما هجاه سُراقةُ البارِقيّ:

  قد كان حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ: ... يا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟

  ومنها لام التعجب مفتوحة كقولك يا لَلْعَجَبِ، والمعنى يا عجبُ احْضُرْ فهذا أوانُك، ومنها لامُ العلَّة بمعنى كَيْ كقوله تعالى: لِتَكونوا شُهَداء على الناس؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل