لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الفاء]

صفحة 528 - الجزء 13

  وفي حديث ابن مسعود: أَقْرَأَنِيها رسولُ الله، ، فاه إلى فِيَّ أَي مُشافَهةً وتَلْقِيناً، وهو نصبٌ على الحال بتقدير المشتق، ويقال فيه: كلَّمني فُوه إلى فِيَّ بالرفع، والجملة في موضع الحال، قال: ومن أَمثالهم في باب الدعاء على الرجُل العرب تقول: فاهَا لِفِيك؛ تريد فا الداهية، وهي من الأَسماء التي أُجْرِيت مُجْرَى المصدر المدعوّ بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره؛ قال سيبويه: فاهَا لِفِيك، غير منون، إنما يريد فا الداهيةِ، وصار بدلاً من اللفظ بقول دَهاكَ الله، قال: ويَدُلُّك على أَنه يُريدُ الداهيةَ قوله:

  وداهِية مِنْ دَواهي المَنونِ ... يَرْهَبُها الناسُ لا فا لها

  فجعل للداهية فماً، وكأَنه بدلٌ من قولهم دَهاكَ الله، وقيل: معناه الخَيْبة لَكَ.

  وأَصله أَنه يريدُ جَعَل الله بفِيك الأَرضَ، كما يقال بفيك الحجرُ، وبفيك الأَثْلبُ؛ وقال رجل من بَلْهُجَيْم:

  فقلتُ له: فاهَا بفِيكَ، فإنها ... قَلوصُ امرئٍ قارِيكَ ما أَنتَ حاذِره

  يعني يَقْرِيك من القِرَى، وأَورده الجوهري: فإنه قلوصُ امرئ؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده فإنها، والبيت لأَبي سِدْرة الأَسَديّ، ويقال الهُجَيْميّ.

  وحكي عن شمر قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول فاهاً بفِيك، منوَّناً، أَي أَلْصَقَ الله فاكَ بالأَرضِ، قال: وقال بعضهم فاهَا لفِيكَ، غير مُنوَّن، دُعاء عليه بكسر الفَمِ أَي كَسَر الله فَمَك.

  قال: وقال سيبويه فاهَا لفِيكَ، غيرُ منوَّن، إنما يريد فا الداهيةِ وصار الضميرُ بدلاً من اللفظ بالفعل، وأُضْمِرَ كما أُضمر للتُّرب والجَنْدَل، وصار بدلاً من اللفظ بقوله دَهاكَ الله، وقال آخر:

  لئِنْ مالكٌ أَمْسَى ذليلاً، لَطالَما ... سَعَى للَّتي لا فا لها، غير آئِبِ

  أَراد لا فَمَ لها ولا وَجْه أَي للداهية؛ وقال الآخر:

  ولا أَقولُ لِذِي قُرْبَى وآصِرةٍ: ... فاها لِفِيكَ على حالٍ من العَطَبِ

  ويقال للرجل الصغير الفمِ: فُو جُرَذٍ وفُو دَبَى، يُلَقَّب به الرجل.

  ويقال للمُنْتِن ريحِ الفمِ: فُو فَرَسٍ حَمِرٍ.

  ويقال: لو وَجَدتُ إليه فَا كَرِشٍ أَي لو وجدت إليه سبيلاً.

  ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي في تثنية الفمِ فَمَانِ وفَمَيانِ وفَموانِ، فأَما فَمانِ فعلى اللفظ، وأَما فَمَيانِ وفَمَوانِ فنادر؛ قال: وأَما سيبويه فقال في قول الفرزدق:

  هُما نَفَثا في فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما

  إنه على الضرورة.

  والفَوَه، بالتحريك: سَعَةُ الفمِ وعِظَمُه.

  والفَوَه أَيضاً: خُروجُ الأَسنانِ من الشَّفَتينِ وطولُها، فَوِه يَفْوَه فَوَهاً، فهو أَفْوَه، والأُنثى فَوْهاء بيِّنا الفَوَه، وكذلك هو في الخَيْل.

  ورجل أَفْوَه: واسعُ الفمِ؛ قال الراجز يصف الأَسد:

  أَشْدَق يَفْتَرُّ افْتِرارَ الأَفْوَه

  وفرس فَوْهاءِ شَوْهاء: واسعة الفم في رأْسها طُولٌ.

  والفَوَه في بعض الصفات: خروجُ الثَّنايا العُلْيا وطولُها.

  قال ابن بري: طول الثنايا العليا يقال له الرَّوَقُ، فأَما الفَوَه فهو طول الأَسنانِ كلِّها.

  ومَحالةٌ فَوْهاء: طالت أَسنانُها التي يَجْري الرِّشاءُ بينها.

  ويقال لمحالة السانِيةِ إذا طالت أَسْنانُها: إنها لَفَوْهاءُ بيِّنة الفَوَه؛ قال الراجز: