[فصل الباء الموحدة]
  الفراء: يقال افعلْ هذا بادِيَ بَدِيّ كقولك أَوَّل شيء، وكذلك بَدْأَةَ ذي بَدِيّ، قال: ومن كلام العرب بادِيَ بَدِيّ بهذا المعنى إلا أَنه لم يهمز، الجوهري: افعلْ ذلك بادِيَ بَدٍ وبادِيَ بَدِيّ أَي أَوَّلاً، قال: وأَصله الهمز وإنما ترك لكثرة الاستعمال؛ وربما جعلوه اسماً للداهية كما قال أَبو نُخَيلة:
  وقد عَلَتْني ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي ... ورَيْثَةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ،
  وصار للفَحْلِ لساني ويدِي
  قال: وهما إسمان جعلا اسماً واحداً مثل معد يكرب وقالي قَلا.
  وفي حديث سعد بن أَبي وقاص: قال يوم الشُّورَى الحمد لله بَدِيّاً؛ البَدِيُّ، بالتشديد: الأَول؛ ومنه قولهم: افْعَلْ هذا بادِيَ بَدِيّ أَي أَوَّل كل شيء.
  وبَدِئْتُ بالشيء وبَدِيتُ: ابْتَدَأْتُ، وهي لغة الأَنصار؛ قال ابن رواحَةَ:
  باسمِ الإِله وبه بَدِينَا ... ولو عَبَدْنا غيرَه شَقِينا،
  وحَبَّذا رَبّاً وحُبَّ دِينا
  قال ابن بري: قال ابن خالويه ليس أَحد يقول بَدِيتُ بمعنى بَدَأْتُ إلا الأَنصار، والناس كلهم بَدَيْتُ وبَدَأْتُ، لما خففت الهمزة كسرت الدال فانقلبت الهمزة ياء، قال: وليس هو من بنات الياء.
  ويقال: أَبْدَيْتَ في منطقك أَي جُرْتَ مثل أَعْدَيْت؛ ومنه قولهم في الحديث: السُّلْطانُ ذو عَدَوان وذو بَدَوانٍ، بالتحريك فيهما، أَي لا يزال يَبْدُو له رأْيٌ جديد، وأَهل المدينة يقولون بدَينا بمعنى بَدأْنا.
  والبَدْوُ والبادِيةُ والبَداةُ والبَداوَة والبِداوَةُ: خلاف الحَضَرِ، والنسب إليه بدَويٌّ، نادر، وبَداويّ وبِداوِيٌّ، وهو على القياس لأَنه حينئذ منسوب إلى البَداوة والبِداوة؛ قال ابن سيده: وإنما ذكرته(١) ... . لا يعرفون غير بَدَوِيّ، فإن قلت إن البَداوِيّ قد يكون منسوباً إلى البَدْوِ والباديةِ فيكون نادراً، قيل: إذا أَمكن في الشيء المنسوب أَن يكون قياساً وشاذّاً كان حمله على القياس أَولى لأَن القياس أَشيع وأَوسع.
  وبَدَا القومُ بَدْواً أَي خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلاً.
  ابن سيده: وبَدا القومُ بداءً خرجوا إلى البادية، وقيل للبادية بادِيَةٌ لبروزها وظهورها؛ وقيل للبَرِّيَّة بادِيةَ لأَنها ظاهرة بارزة، وقد بَدَوْتُ أَنا وأَبْدَيْتُ غيري.
  وكل شيء أَظهرته فقد أَبْدَيْتَه.
  ويقال: بَدا لي شيءٌ أَي ظهر.
  وقال الليث: البادية اسم للأَرض التي لا حَضَر فيها، وإذا خرج الناسُ من الحَضَر إلى المراعي في الصَّحارِي قيل: قد بَدَوْا، والإِسم البَدْوُ.
  قال أَبو منصور: البادية خلاف الحاضرة، والحاضرة القوم الذين يَحْضُرون المياه وينزلون عليها في حَمْراء القيظ، فإذا بَرَدَ الزمان ظَعَنُوا عن أَعْدادِ المياه وبَدَوْا طلباً للقُرْب من الكَلإِ، فالقوم حينئذ بادِيَةٌ بعدما كانوا حاضرة، وهي مَبادِيهم جمع مَبْدىً، وهي المَناجِع ضِدُّ المَحاضر، ويقال لهذه المواضع التي يَبْتَدِي إليها البادُونَ بادية أَيضاً، وهي البَوادِي، والقوم أَيضاً بوادٍ جمع بادِيةٍ.
  وفي الحديث: من بَدَا جَفَا أَي من نَزَلَ البادية صار فيه جَفاءُ الأَعرابِ.
  وتَبَدَّى الرجلُ: أَقام بالبادية.
  وتَبادَى: تَشَبَّه بأَهل البادية.
  وفي الحديث: لا تجوز شهادةُ بَدَوِيّ على صاحب قَرْية؛ قال ابن الأَثير: إنما كره شهادة البَدَوِيّ لما فيه من الجَفاء في الدين والجَهالة بأَحكام الشرع، ولأَنهم في الغالب لا يَضْبِطُون الشهادةَ على وَجْهِها، قال: وإليه
(١) كذا بياض في جميع الأَصول المعتمدة بأيدينا.