[فصل الثاء المثلثة]
  أَفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً؟ ... لَعَمْري لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنَى
  أَي ليس بأَوّل لومِها فقد فعلته قبل هذا، وهذا ثِنىً بعده، قال ابن بري: ومثله قول عديّ بن زيد:
  أَعاذِلُ، إِنَّ اللَّوْمَ، في غير كُنْهِه ... عَليَّ ثِنىً من غَيِّكِ المُتَرَدِّد
  قال أَبو سعيد: لسنا ننكر أَن الثِّنَى إِعادة الشيء مرة بعد مرة ولكنه ليس وجه الكلام ولا معنى الحديث، ومعناه أَن يتصدق الرجل على آخر بصدقة ثم يبدو له فيريد أَن يستردَّها، فيقال لا ثِنَى في الصدقة أَي لا رجوع فيها، فيقول المُتَصَدِّقُ بها عليه ليس لك عليَّ عُصْرَةُ الوالد أَي ليس لك رجوع كرجوع الوالد فيما يُعطي وَلَده؛ قال ابن الأَثير: وقوله في الصدقة أَي في أَخذ الصدقة، فحذف المضاف، قال: ويجوز أَن تكون الصدقة بمعنى التصديق، وهو أَخذ الصدقة كالزكاة والذكاة بمعنى التزكية والتذكية، فلا يحتاج إِلى حذف مضاف.
  والثِّنَى: هو أَن تؤخذ ناقتان في الصدقة مكان واحدة.
  والمَثْناة والمِثْناة: حبل من صوف أَو شعر، وقيل: هو الحبل من أَيّ شيء كان.
  وقال ابن الأَعرابي: المَثْناة، بالفتح، الحبل.
  الجوهري: الثِّنَاية حبل من شعر أَو صوف؛ قال الراجز:
  أَنا سُحَيْمٌ، ومَعِي مِدرايَه ... أَعْدَدْتُها لِفَتْكِ ذِي الدوايَه،
  والحَجَرَ الأَخْشَنَ والثِّنايَه
  قال: وأَما الثِّناءُ، ممدود، فعقال البعير ونحو ذلك من حبل مَثْنيٍّ، وكل واحد من ثِنْيَيْه فهو ثِناءٌ لو أُفرد؛ قال ابن بري: إِنما لم يفرد له واحد لأَنه حبل واحد تشدّ بأَحد طرفيه اليد وبالطرف الآخر الأُخرى، فهما كالواحد.
  وعقلت البعير بِثنايَيْن، غير مهموز، لأَنه لا واحد له إِذا عقلت يديه جميعاً بحبل أَو بطرفي حبل، وإِنما لم يهمز لأَنه لفظ جاء مُثَنّىً لا يفرد واحده فيقال ثِناء، فتركت الياء على الأَصل كما قالوا في مِذْرَوَيْن، لأَن أَصل الهمزة في ثِنَاءٍ لو أُفْرد ياءٌ، لأَنه من ثنيت، ولو أُفرد واحده لقيل ثناءان كما تقول كساءان ورداءان.
  وفي حديث عمرو بن دينار قال: رأَيت ابن عمر ينحر بدنته وهي باركة مَثْنِيَّة بِثِنايَيْن، يعني معقولة بِعِقالين، ويسمى ذلك الحبل الثِّنايَة؛ قال ابن الأَثير: وإِنما لم يقولوا ثناءَيْن، بالهمز، حملاً على نظائره لأَنه حبل واحد يشد بأَحد طرفيه يد، وبطرفه الثاني أُخرى، فهما كالواحد، وإِن جاء بلفظ اثنين فلا يفرد له واحد؛ قال سيبويه: سأَلت الخليل عن الثِّنايَيْن فقال: هو بمنزلة النهاية لأَن الزيادة في آخره لا تفارقه فأَشبهت الهاء، ومن ثم قالوا مذروان، فجاؤوا به على الأَصل لأَن الزيادة فيه لا تفارقه.
  قال سيبويه: وسأَلت الخليل، |، عن قولهم عَقَلْته بِثِنايَيْن وهِنايَيْن لِمَ لم يهمزوا؟ فقال: تركوا ذلك حيث لم يُفْرد الواحدُ.
  وقال ابن جني: لو كانت ياء التثنية إِعراباً أَو دليل إِعراب لوجب أَن تقلب الياء التي بعد الأَلف همزة فيقال عقلته بِثِناءَيْن، وذلك لأَنها ياء وقعت طرفاً بعد أَلف زائدة فجرى مجرى ياء رِداءٍ ورِماءٍ وظِباءٍ.
  وعَقَلْتُه بِثِنْيَيْنِ إِذا عَقَلْت يداً واحدة بعُقْدتين.
  الأَصمعي: يقال عَقَلْتُ البعيرَ بثِنَايَيْنِ، يُظهرون الياء بعد الأَلف وهي المدة التي كانت فيها، ولو مدّ مادٌّ لكان صواباً كقولك كساء وكساوان وكساءان.
  قال: وواحد الثِّنَايَيْنِ ثِناءٌ مثل كساء