كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تقسيم الصحابة]

صفحة 195 - الجزء 2

  استبدلوا الشقاوة بالسعادة.

  فالجواب عنه: أن شهادة النبي ÷ شهادة حق، وقول صدق؛ إذ لا يشهد بسوى ذلك، وإنما الشأن في أنهم بقوا على تلك الطريقة التي استحقوا بها الجنة، أم غيروا وبدلوا؟

  وعلى الجملة أن هذه القسمة لا تعم جميعهم أعني العشرة بل هم على ثلاثة أقسام:

  قسم يقطع على كونه من أهل الجنة، وهو من كان معصوماً لا يواقع كبيراً بعد ذلك المقام، وذلك أمير المؤمنين علي #.

  وقسم يقطع على أنهم غيروا بسبب الاستحقاق بخروجهم على الإمام المعصوم علي # كطلحة والزبير مع أن من تاب منهم فإن الله تواب رحيم.

  وقسم أقدموا على أمور لا يؤمن كونها كبائر مع تقدمهم في الفضل فلا طريق لنا إلى العلم بإحباط ما صنعوا فنجعل أمرهم إلى الله تعالى؛ لأنه سبحانه يعلم المستحق ومقداره من ثواب أو عقاب كالمشائخ الثلاثة؛ فإنهم مع سوابقهم الحميدة أقدموا على مخالفة النصوص الدالة على أن علياً # أولى منهم بذلك المقام غير معتقدين لمخالفة الله تعالى ورسوله ÷.

  وإنما قلنا إن إطلاق الخبر مشروط ببقاء الاستحقاق لما قدمنا أن القطع عليه يكون إغراء لهم بمواقعة المعاصي، والانهماك في اللذات؛ لما في ذلك من النفع العاجل، والسلامة من العذاب الآجل، وقد كررنا ذلك مراراً فأضرب عنه صفحاً، وأقبل ببهرج⁣(⁣١) على النقادين، وحسابه على رب العالمين، فإنه بضلاله وإضلاله من الخاسرين.


(١) البهرجة: أن يعدل بالشيء عن الجادة القاصدة إلى غيرها، والبهرج: الباطل. انتهى من القاموس.