[ذكر أيام الناصر العباسي وقيام الإمام المنصور بالله (ع)]
  وظهر أمره # في مخاليف اليمن فاستولى على صعدة ونجران وبلاد وادعة وشريف وسنحان وبلاد خولان والجوف والظاهر وصنعاء وأعمالها، وبلاد مَذْحِج ونواحيها، وفتح زبيد وهي أكبر مدينة من أعمال تهامة.
  وأقام في اليمن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، داعياً إلى الله سبحانه، مجاهداً للظالمين خمساً وثلاثين سنة، وله فيهم سطوات ووقعات ومقامات في الحروب أضربنا عن ذكرها ميلاً إلى التخفيف وهي موجودة في كتب سيرته #. فليميز العاقل بلبه الفرق بين الإمامين، والتمييز بين الداعيين.
[ذكر أيام الناصر العباسي وقيام الإمام المنصور بالله (ع)]
  ولما جرى على المستضيء ما قدمنا ذكره بويع لولده الناصر أبي العباس أحمد بن المستضيء في سنة سبعين وخمسمائة.
  وقد سلك طريقة من تقدمه من آبائه في معاصي الله سبحانه في الشرب واللعب واللهو والطرب، وتميز بسفك الدماء وركوب الدهما، وصار يطوف في مدينة بغداد مستخفياً وهو ظاهر فمن أشار إليه قتله، ومن قال مَنْ وَسَطَهُ.
  وله آثار في الإسلام قبيحة رواها الثقات من جمهور الأمة العارفون بحاله، نذكر منها طرفاً ويكرهنا أن نذكر ذلك لمساس رحمه، ولحمة نسبه، ولكن الله تعالى أخذ ميثاق أهل العلم على البيان، فقال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا}[البقرة].
  فمن ذلك: أن الملقب رشيد الدين الصوفي لا يعرف بل لا يشرف إلا أنه مصفعة الخليفة؛ لأنه كان يتلهّى عليه ويصفعه دائماً للضحك فاشتهر بذلك بحيث لا يمكن إنكار هذه الحال.