[دعوى الفقيه: أخذ أبي بكر للخلافة يلزم منه شجاعته - والرد عليها]
  عمرو بن عبد ود العامري ودعا إلى البراز، فكاعت(١) الفرسان، وأحجمت الشجعان، فبرز إليه علي # فقتله، ويوم رجع عثمان بعد ثالثة من الهزيمة، وارتقى عمر في الجبل كأنه أروية(٢)، وعلي # ثابت في صف الملائكة يضرب(٣) عن رسول الله [÷] حتى هتف هاتف من السماء:
  لا سَيْفَ إلاَّ ذُو الفِقَـ ... ـارِ ولا فَتَى إلاَّ عَلِي
  وأتته ست عشرة ضربة كل واحدة منها توصله الأرض.
  فأما الخطابة فقد حبَّرتها(٤) رؤساء الأنصار، وزوَّرها(٥) عمر في نفسه، فمنعه أبو بكر من إظهارها، وكان هو المتكلم فأصاب، ولم يكن يُقْدِم ولا يُحْجم إلا عن رأيه، ولكن أين ثباته من ثبات أمير البررة وقاتل الفجرة؟
  وأما اشتغال أهل البيت بمصيبتهم فما لا غنى به، وهم أولى الناس برسول الله ÷ في حياته، وبعد وفاته، شاركوه في نسبه، واتبعوه في دينه؛ فأين يتاه بأهل العناد، لولا خبث الاعتقاد.
[دعوى الفقيه: أخذ أبي بكر للخلافة يلزم منه شجاعته - والرد عليها]
  ثم قال: «قال القدري: وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: إن أبا بكر أشجع، إذ أخذ الإمامة من الشجاع وهو علي # فهو(٦) كلام لا يلائم العقول السليمة؛ لأنه ما استظهر على الأمر بنفسه فقط، بل بسواه، وأظهر الركاكة في بعض مقاماته ومحاوراته، وكذلك رويت عنه الندامة، وطلب الإقالة، وحكاية كل فريق ما
(١) كاعت: هابت وجبنت.
(٢) الأروية - بالضم والكسر -: أنثى الوعول.
(٣) يضارب (نخ).
(٤) حَبَّرتها: زينتها ونمقتها.
(٥) زوَّرها عمر في نفسه: هيأها وحضرها. تمت معجم.
(٦) بداية جواب الشيخ محيي الدين.