كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر من السنة]

صفحة 656 - الجزء 3

  وإن أراد أنهم غير محجوبين عن رؤية الله سبحانه، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، فعندهم أنه يختص بذلك عباد الله الصالحون من الملائكة، والأنبياء، والفضلاء، دون الزناة والفسقة، ولهذا يقولون: الجنة، وأعظم من الجنة النظر إلى رب العزة، تعالى الله عن قولهم هذا، فجعلوا الرؤية أعظم من ثواب الجنة، فكيف يجوز لفساق الأمة؛ فالآيات كلها حجة لنا عليه لما ذكرنا، إن صادف قلباً واعياً، وفكراً صافياً، ونظراً بإنصاف، وانحرافاً عن تقليد الأسلاف.

[استدلال الفقيه في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر من السنة]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «فأما ما يدل على ذلك من السنة، فما تواترت به الأخبار عن النبي ÷ في إثبات الشفاعة، نحو قوله ÷: «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».

  ونحو قوله #: «خيرني ربي سبحانه، بين أن يدخل نصف أمتي الجنة بغير حساب، أو الشفاعة، فاخترت الشفاعة، وأنا أرجو أن تكون أعم وأنفع لهم».

  وقد روى خلق كثير من الصحابة، منهم حذيفة، وأنس بن مالك، وجابر بن عبدالله الأنصاري، عن النبي ÷ وروى معبد بن هلال، وثابت البناني، في حديث طويل، عن أنس بن مالك، عن النبي ÷ ورواه أبو سعيد الخدري، عن النبي ÷ كل يقول: «إذا كان يوم القيامة، ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتي الناس آدم # فيقولون: يا آدم اشفع في ذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بنوح، فإنه رسول رب العالمين، فيأتونه فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى بن عمران، فإنه كليم الله؛ فيأتون موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد ÷ فيأتوني⁣(⁣١)؛ فأقول:


(١) قال ¦ في التعليق: هذا موضع المثل: (تهادن به الأنبياء!) ومسكين عيسى ما نظروا إليه!