[دعوى الفقيه أن الشيخين من شجرة النبي - والرد عليها]
  ولقد حط الله عن ظهرك ما أثقل كاهلي به، ولولا أني شهدت لما أجبت لما دعيت إليه، وإنا إليك لمحتاجون، وبفضلك عالمون، وإلى الله في جميع الأحوال راغبون.
  فهذا قول علي وقول أبي بكر فتأمله هل هو قول الأحباب؟ وهل فيه أن علياً اعترف لأبي بكر بالحق والصواب أو الأمر على ما ذكره القدري؟ فاعتبروا يا أولي الألباب.
  فالجواب [المنصور بالله]: أن أبا بكر أحسن الثناء على علي # وهو أهل لذلك؛ لفضله، وسابقته وقرابته، وعلمه وكماله، وقول الرسول ÷ فيه لما لم يظهر منه امتناع يؤدي إلى الفساد في تلك الحال، ولا معارضة في الأمر لتصويبه الغفلة عن طلب حقه خشية التفاقم وذكر حاله عنده.
  وذكر أيضاً عن نفسه أنه دخل في أمر الخلافة بغير تدبر، ولا تفكر، ولا روية، بل شدة دهش لما طلب منه، ولولا أنه شُدِهَ لما أجاب إلى ما دعي إليه، وهذا من أعظم ما يبطل صحة العقد له أنه وقع على وجه الغفلة منه، وأنه لو نظر في أمره لما دخل فيه، وهذا يشعر بأنه عرف أن الأمر مما يعظم عليه مشقته ولا يقوم به، وأن سواه أحق بذلك المقام، ولهذا خص بهذا الكلام علياً #.
  وأما الوجه الثالث: وهو أنه عرف من نفسه من الخطأ ما يمنع من صلاحيته للتولي فلسنا نقول بذلك كما تقوله الرافضة، وأجمل ما يحمل عليه غفلته واشتداهه(١) أنه لم ينظر في الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على إمامة علي # والله أعلم ببواطن الخلق، وقد دخل تحت ما قدمنا سائر ما اتبعه الخبر هاهنا.
[دعوى الفقيه أن الشيخين من شجرة النبي - والرد عليها]
  وأما قوله [أي الفقيه]: وكيف يصح أن يقول العباس لأبي بكر وعمر: فإن رسول الله ÷ من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها، مع علمه بأنهما من شجرة النبي ÷ وبيضته التي تفقأ عنها.
(١) شُدِهَ: كعُنِيَ: دُهِش وشُغِل وَحُيِّرَ فاشْتَدَهَ؛ تمت (من القاموس).