[التضييق على أهل البيت (ع) وخروج أبي عبدالله محمد بن صالح بن عبدالله]
  للعطار الذي كان معي: أي رائحة هذه؟ قال: لا والله ما شممت مثلها لشيء من الطيب، فودعناه وجعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين والشيعة حتى صرنا في القبر فأخرجنا تلك العلامات وأعدناه على ما كان عليه.
  وروينا بالإسناد الموثوق به إلى السيد أبي طالب # رفعه، قال: لما قتل المتوكل وأرادوا إعادة المشهد المقدس غبي عليهم مكان القبر، فقال أعرابي من بني أسد: أنا أعرفه فسار وسار الناس إلى الموضع الذي قَمَنَه(١) فيه، ثم جعل يخطو خطوة ويقبض من التراب قبضة ويشم حتى إذا قبض قبضة شمها فإذا هي مسك أذفر فقال هاهو ذا، فقال:
  أرادوا ليخفوا قبره من صديقه ... وريح تراب القبر دلّ على القبر
[التضييق على أهل البيت (ع) وخروج أبي عبدالله محمد بن صالح بن عبدالله]
  وكان مما بالغ في عداوة أهل بيت النبوءة أنه استعمل على مكة والمدينة - حرسهما الله تعالى - عمر بن الفرج الرجحي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، ومنع الناس من برهم والتقرب إلى الله بإعطائهم، وكان لا يبلغه أن أحداً بَرَّ أحداً منهم بشيء وإن قل إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرماً، حتى كان القميص الواحد يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر، والمغنيات والصناجات والعوادات تحمل إليهن أنواع الثياب الفاخرة على الإبل والبغال.
  وخرج في أيامه أبو عبدالله محمد بن صالح بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب $، وكان من فتيان آل أبي طالب وفتاكهم وشجعانهم وظرفائهم وشعرائهم، وخرج بسويقه، وكان أبو الساج
(١) أي تحرَّاه فيه. انتهى أفاده القاموس.