[الجواب على من قال: إن الله يغفر للعاصي الموحد]
[الجواب على من قال: إن الله يغفر للعاصي الموحِّد]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «أقول: قد ظهر له الجواب، بأن الله إذا أراد أن يغفر للعاصي الموحد، لم يقدر القدري على حجره عن ذلك ولا منعه».
  فالجواب: أن أحداً لا يجيز المنع على الله تعالى، لا قدري ولا عدلي؛ لأنه سبحانه قادر بذاته، فيقدر على ما لا يتناهى؛ فكيف يمنع أو يقهر أو يغلب، وإنما قلنا: إن غفران ما ذكرنا أنه يفعله يكون تكذيباً له في خبره؛ لأنه تعالى يخبر عن نفس الفعل، بخلاف المتوعِّد من العباد فإنه يخبر عن عزمه؛ لأنه لا يعلم عواقب الأفعال، فلهذا لم يقبح منه إخلاف وعيده، وإن قبح من الله تعالى، وقد بينا ذلك فيما تقدم.
  على أنه يقال له في الكافر: إن هذا المجبر القدري حقاً بين أمرين إما أن يقول: يجوز الغفران للكافر، وإما أن يقول قد قدر على حجره تعالى عن ذلك؛ فما أجاب به في الكافر فهو جوابنا في الفاسق، بل قد دللنا بالأخبار الصحيحة والآيات الصريحة على أن الفاسق لاحق بالكافر في استحقاق الوعيد والعذاب والتخليد، بما أقل قليله يكفي العاقل، ويدفع الجاهل.
  ثم قال: «وأما قول القدري: وقوله [أي فقيه الخارقة]: إنه يعذب مع فرعون وهامان؟ فإن(١) عنى الخلود فقد دللنا عليه، وإن أراد المقدار فليس كذلك؛ فأقول(٢): المقدار لا يخفى على من له مُسْكَة، ولم يرد إلا الخلود، وقد بان بطلان قولك فيه بما دللنا عليه».
  فالجواب: أنا قد بينا صحة خلود الفساق من الكتاب والسنة بما يكفي القليل منه في هذا الباب.
(١) بداية كلام محيي الدين.
(٢) القائل هو فقيه الخارقة.