كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر بعض مما رثي به الطالبيون وأبو السرايا]

صفحة 645 - الجزء 1

  أصحابه مقتلة عظيمة وله بعد ذلك وقعات بينه وبين الجنود العباسية كان اليد له فيها على أعدائه، وبعد ذلك تكاثفت الجنود عليه فالتجأ إلى جبل في الحجاز يقال له: ثبير، وأقام الحرب على ساق وسألوه الهدنة فلم يساعد إلى ذلك إلى أن عظم الخطب عليه وحصروا أصحابه، فاضطروا، فتفرقوا عنه.

  فنزل على القوم وآمنوه، وتقدم إلى خراسان، فلقيه المأمون بالإنصاف وكان يركب في ثمانين فارساً من العلويين، فخرج توقيع المأمون لا تركبوا مع محمد بن جعفر، واركبوا مع من شئتم من الطالبيين. فقالوا: لا نركب إلا مع محمد بن جعفر، ولكنا نلزم منازلنا؛ فأمر المأمون: اركبوا مع من شئتم، فكانوا يركبون معه حافّين به.

  فدس عليه المأمون سماً فقتله، فلما خرج بجنازته وثب المأمون فوقع بين العمودين يحمل فقال له الناس: نكفيك يا أمير المؤمنين، فقال: هذه رحم مجفوة منذ مائتي سنة، ولما وصل قبره نزل فيه وسواه في لحده، فلما طلع قال ولده إسماعيل وأخوه: ما ترى نكلمه في دَيْن أبينا؟ فما نجده أقرب من هذه الساعة؛ فابتدأهما فقال: كم خلف أبو عبدالله من الدَيْن؟ قالا: خمسة وعشرين ألف مثقال، فقال: قد قضى الله دينه وصك بها إلى الأهواز، وقبضا الأرز فغلا في أسبوع واحد فباعاه بخمسين ألف مثقال.

[ذكر بعض مما رُثِي به الطالبيون وأبو السرايا]

  ورُثي الطالبيون وأبو السرايا بمراثٍ كثيرة، منها: قول الهيثم بن عبدالله الخثعمي:

  سائل عن الضاعنين ما فعلوا ... وأين بعد ارتحالهم نزلوا

  يا ليت شعري والليت عصمة من ... يأمل ما حال دونه الأجلُ

  أين استقرت نوق الأحبة أم ... هل يرتجى للأحبة القُفُل

  رَكْبٌ ألحَّتْ يد الزمان على ... إزعاجهم في البلاد فانتقلوا