[كلام الفقيه في أنه لا مدخل للعقل في التحسين والتقبيح والرد عليه]
  مستحقاً لما سقط ذمه ولومه، وقد قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ}[مريم: ٦٠]، وقال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا}[النور: ٣١]، وذلك كثير في العقل والشرع.
  وأما قوله: «وجب قبول توبته» - فإن(١) أراد أن موجباً أوجب على الله تعالى قبول التوبة، وحرم عليه العقوبة للتائب، فهذا لا يقول به أحد؛ لأنه تعالى ليس فوقه سواه فيوجب عليه أو يحرم.
  وإن أراد أنا عرفنا أن مع عدل الله تعالى وحكمته، أنه يقبل التوبة ولا يعاقب التائب، فالكل قد عرف ذلك، فلا ينبغي أن يخص مخالفه بذلك، إلا أن يكون يرى أنه يحسن منه تعالى عقاب الأنبياء، وإثابة الشياطين والأباليس بثواب الملائكة والنبيين، فهو وما اختاره.
  وأما قوله: «فأخبرني أيها القدري، هل هذا تحكم على الله ø من تحسين له، أو تقبيح عليه، أم لا؟».
  فالجواب: ما قدمنا، إن أراد أن العبد يوجب على ربه ø، ويجعل الفعل حسناً، ويجعله قبيحاً فذلك محال.
  وإن أراد أنه يعلم أن مع عدل الله وحكمته أنه يفعل الحسن، وأن المستحق يفعله لا محالة، وأنه لا يفعل قبيحاً؛ فذلك صحيح أنا نعلم ذلك وندل عليه، ونمنع من قال بخلافه؛ إذ فيه إضافة الجور إليه - تعالى عن ذلك - فما هذا التطويل، فيما ليس عليه تعويل؟
[كلام الفقيه في أنه لا مدخل للعقل في التحسين والتقبيح والرد عليه]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: وقف على أن من المحسنات ما يعرف بالعقل، وكذلك المقبحات - فقد(٢) استدللنا على أنه لا مدخل للعقل في تحسين أو تقبيح، وأريناك من تصرف الله ø في عباده بما توافق عليه ولا تدفعه، ما
(١) بداية جواب الإمام #.
(٢) بداية كلام فقيه الخارقة.