كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام على أدلة الفقيه]

صفحة 235 - الجزء 2

  مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؛ فقلت: بل شيء قضي عليهم، قال: فقال: أفلا يكون ذلك ظلماً؟ قال: ففزعت من ذلك فزعاً شديداً، فقلت: كل شيء خلق الله وملك يده؛ فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فقال لي: يرحمك الله، إني لم أرد بما سألتك إلا لأجرب عقلك، إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله ÷ فقالا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق، أم فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: «لا، بل شيء قضي عليهم، ومضى فيهم».

  وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}⁣[الشمس]، وكم في هذا وغيره مما ذكرنا من الأحاديث والآثار لولا ما قصدنا من الاختصار؛ فما تقول أيها الرجل، أتصدق في هذه الأحاديث المنقولة عن النبي ÷ وتدع قول عمرو بن عبيد والجاحظ والنظام، ورأي أبي الهذيل، وابن سيار؛ أم تردها وتسلك سبيل المعاندين الأشرار، فنقول قول النبي ÷ قدوة يميز أهل الجنة من أهل النار.

[جواب الإمام على أدلَّة الفقيه]

  والجواب عن هذه الجملة:

  أما قوله: «وسأذكر له أحاديث في القضاء والقدر مسندة مما ذكره الإمامان مسلم والبخاري، وقد أجمع علماء السلف والخلف من أهل السنة والجماعة على نقلها، وقطعت الأمة بصحتها، وتلقتها بالقبول لا يردها إلا جاهل أو متجاهل، معاند على سبيل الاختيار؛ فإن قبلها رجوت من الله ø هدايته وقبوله ما سواها، وإن ردها علمت أنه قد قصد العناد، وإضلال العباد، ورضي بالدنيا بدلاً، وابتغى عن الحق حولاً».

  فالجواب: أن ما وعد به من ذكر تلك الأحاديث في القضاء والقدر مبني على معرفة معاني القضاء والقدر ومعرفة أقسامهما ليرد كل شيء من ذلك إلى