[أدلة الفقيه على أن الله يفعل ما هو قبيح عندنا]
  الحكيم العاقل منا مثل شيء منها لأنكره كافة العقلاء ..» إلى آخر كلامه.
  فالجواب: أنه إن اعترف بأن العبد يفعل الأفعال، وأن منها ما يحسن منه، ومنها ما يقبح؛ بطل مذهبه في أن الله تعالى خالق كل فعل حسن أو قبيح.
  وإن كان باقياً على مذهبه أنه تعالى خالق لجميع الأفعال الحسن منها والقبيح؛ فكيف يمثل فعل الله تعالى بما هو فعله أيضاً فهذه منه حماقة بلا مرية؛ فلينظر فيما ذكرنا فإن مذهبه يدفع حجته.
  فإن بقي على مذهبه بطل احتجاجه؛ لأنه مبني على أن العبد فاعل، وإن استقام على حجته وتمثيله بطل مذهبه الذي رام الاستدلال على صحته، وقد كررنا هذا السؤال عليه مراراً وأحوج إلى ذلك تكريره لأسئلته التي لا تصح إلا بعد بطلان ما استدل بها عليه؛ فانظر إلى مذهب ودليل ينفي أحدهما الآخر؛ فإن صح المذهب بطل الدليل، وكان مذهباً عارياً عن دلالة، وإن صح الدليل بطل المذهب المستدل عليه، فيكون حجة مع بطلان الدعوى، وكلاهما فاسد.
  على أن جميع ما يورده من الأسئلة وبيان قبحها شاهداً أو حسن مثلها غائباً، الأصل فيه أن قبح ما قبح منها لأمر يخص العبيد في الشاهد، ولم يوجد مثل ذلك الوجه الذي لأجله قبحت في الغائب؛ فلا يقبح، فهذا أصل ينبني عليه جميع ما أورده، وإن كان في كل سؤال يورده نذكر ما يفارق به فعل الله تعالى لأفعال خلقه على التعيين.
[أدلة الفقيه على أن الله يفعل ما هو قبيح عندنا]
  وأما قوله: «واسمع الآن إلى ذكر أفعال وتصرفات لله تعالى في ملكه، لو فعل الحكيم العاقل منا مثل شيء منها لأنكره كافة العقلاء وقالوا للإنسان: هذا في غاية القبح، ولو استشارهم قبل أن يفعله لزجروه غاية الزجر ونسبوه في فعله إلى السفه والجهل، فمهما فهمت هذا الأصل وعلمت أنه يستقبح منا ما يستحسن فعله من الله تعالى لم تحفل بتمويهات الزائغين، وكنت معترفاً بالقصور