كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تخاليط الفقيه وتناقضاته في الجبر والتفويض وغيرهما]

صفحة 131 - الجزء 2

  للتخلية ولا لوصف الفعل بأنه تفضل وعدل في حق العبد متى كان فعلاً لله سبحانه، ومتى قال: إن الفعل من العبد، قلنا: لا بد أن يلطف سبحانه لمن علم أن له لطفاً حسناً.

  وأما العصمة فيختص بها الملائكة والأنبياء $ لما يجب من تأديتهم إلى سائر المكلفين مصالحهم، فلا يجوز منهم وقوع الكبائر، وكذلك من أخبر المعصوم بعصمته فإنه داخل في هذا الباب⁣(⁣١).

  وعلى الجملة إن الله سبحانه يفعل لكل مكلف ما علم أن صلاحه فيه فيما يتعلق بتكليفه من المحسنات وإلا كان ناقضاً للغرض أو جارياً مجرى القبائح من باب الظلم والعبث أو سوى ذلك.

[تخاليط الفقيه وتناقضاته في الجبر والتفويض وغيرهما]

  وأما قوله: «فإذا اعتبرت حال العبد من جهة الإضافة إلى علم الله تعالى السابق فيه وجد في صورة المجبر، وإذا اعتبرت حاله من جهة الإضافة إلى الاستطاعة المخلوقة له والأمر والنهي الواقعين عليه وجد في صورة المفوض إليه، وليس هناك إجبار مطلق ولا تفويض مطلق إنما هو أمر بين الأمرين يَدِق عن أفكار المعتبرين، ويحير أذهان المتأولين، وهذا معنى ما أشار إليه حذاق أهل السنة من قولهم: إن العبد لا مطلق ولا موثق».

  فالجواب عن ذلك: أن محصول كلامه هذا أنه لا يطلق على المكلف وصف على وجه القطع؛ لأنه حصل نسبة كونه مجبراً على الفعل العلم السابق، ونسبة كونه مختاراً الاستطاعة المخلوقة والأمر والنهي، وذكر أنه أمر يدق عن الأفكار وتحير فيه الأذهان، وهذا نوع تخليط غير الأنواع التي قدمنا حكاية تخليطه فيها من إنكار تعلق الفعل بالعبد، ومن تعلقه بالله تعالى، ومن اعتقاد الجمع بينهما،


(١) قال ¥ في التعليق: المراد يختص بها فيمن اخبر المعصوم ... إلخ، أي أنه لا يحكم بها، وتعلم إلا لمن أخبر المعصوم بها له، لا أنها لا تقع إلاَّ لمن أخبر ... إلخ، فتأمل.