كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[طعن الفقيه في التواريخ - والرد عليه]

صفحة 121 - الجزء 4

  {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ٤٣}⁣[الأحزاب]، فدل على أن الفاسق لا يستحق الرحمة.

  وقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٣٨}⁣[المائدة]، فلو كان الفاسق يستحق التعظيم لم يستحق النكال لأن ذلك يتنافى، فصح ما قلنا وبطل ما قاله.

[طعن الفقيه في التواريخ - والردّ عليه]

  ثم قال [أي: الفقيه]: وأما قوله [أي: القرشي]: ومن ذلك وضعه اللعن على أمير المؤمنين علي # فلم يذكر ذلك إلا المؤرخون، ولا اعتماد على أقوالهم لعدم إسنادها، وجمعهم بين الصحيح والسقيم.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن الفقيه اعتمد على تصحيح ما يلائم اعتقاده أو يرويه، ودفع ما يكون حجة عليه أو لا يرويه، فقدح في حال رجال اشتغلوا بتفتيش الأخبار وتنقيرها، وحفظها من طرقها، فلما صحت لهم من شيوخهم مثل ما صح لك بزعمك عن شيخك الآجري، نظموا منثورها، وجمعوا متشتتها، وألحقوا كل شيء منها بما يليق به.

  فكان لهم منتان إحداهما: تبليغ الأحاديث النافعة بطرقها الصحيحة. والثانية: ما جمعوا مما هو منثور في الكتب ومتفرق فيها.

  فجعل الفقيه جزاءهم عنده رده لأخبارهم، وهو بغير شك عند أن يجد في تواريخهم ما يكون حجة له يثبت عليه، ويستدل به، وينسى قدحه في حال راويه قبل ذلك أو يتناساه، وهذا عمل من كان قليل الدين، وضعيف الخوف لرب العالمين.

  وقد روينا عن النبي ÷ أنه قال: «وعليك بقبول الحق من حيث ورد عليك».

  وروينا عنه ÷ أنه قال: «اكتبوا هذا العلم عن كل صغير وكبير، وعن كل غني وفقير، ومن ترك العلم لأجل أن صاحبه فقير، أو أصغر منه سناً؛ فليتبوأ مقعده من النار».