كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[حوار حول العفو عن الفاسق]

صفحة 94 - الجزء 3

  وعن الأعمش في قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}⁣[البقرة: ٨١]، قال: الرجل يذنب الذنب فيموت وهو مقيم عليه ولم يتب منه.

  وبه عن صالح المري، عن ثابت وجعفر بن زيد ومنصور بن زاذان، عن أنس بن مالك، أن النبي ÷ قال: «إن ملكاً موكل بالميزان، فيؤتى بابن آدم فيقف بين كفتي الميزان، فإذا ثقل ميزانه نادى الملك: سَعِد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وإن خفّ ميزانه نادى الملك: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً».

  وبه عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله ÷: «الجنة حرام على كل فاحش أن لا يدخلها».

  وبه عن ثوبان أن رسول الله ÷ أمر بلالاً فنادى: إن الجنة لا تحل لعاص –ثلاثاً -.

  إلى غير ذلك مما يكثر لو استقصيناه لاتسع به الكتاب، فكيف يقف الفقيه عند خبر واحد فيه ذكر المشيئة؟ وهاهنا ما يزيد على أربعين خبراً، مما يقطع به على دخول الفساق النار، وخلودهم فيها؛ نعوذ بالله من النار ومما يؤدي إليها من قول وعمل واعتقاد، وأصلي على محمد وآله وأسلم.

[حوار حول العفو عن الفاسق]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما ما يدل على ذلك من الإجماع، فما قدمناه من اتفاق العقلاء على مدح من عفا، وترك العقوبة على الذنب، وإجماعهم على أن الله غفور، وقد وصف نفسه بذلك في غير موضع».

  فالجواب: أنا قد ذكرنا أن الذي أورده إنما يتعلق بأفعال العباد، دون أفعال الله تعالى.

  وأما قوله: «إن الله غفور» - فلا شك، وقد قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ}⁣[طه: ٨٢]، ولم يقل تعالى: لمن أصر وفسق.

  وأما قوله: «وعلى أصل القدرية لا يوجد ذنب يغفره الله».