[ذكر بعض الفرق وأقوالها]
[ذكر بعض الفرق وأقوالها]
  فلنذكر له طرفاً من حكاية المذاهب من أهل القول بالسنة والجماعة ما هو مما إذا نظر فيه صاحب النصفة عرف صحته وتيقّن ما حكيناه.
[ذكر المجبرة وسبب تسميتهم بأهل السنة والجماعة]
  واعلم أن المجبرة المجوّرة القدرية مجبرة لقولهم بالجبر، مجوّرة لإضافة كل جور إلى الله، قدرية لقولهم المعاصي بقضاء الله وقدره، ويتسمون بالسنة لتقدم سلفهم واستمرارهم على سبّ علي بن أبي طالب # وقولهم إنه السنة، وقال معاوية - لعنه الله -: لأجرينّ لعن علي سنة حتى إذا قُطع قيل: قُطعت السنة، فكان من شدد في ذلك سموا أهل السنة، ولما اضطر الحسن بن علي # إلى صلح معاوية وتسليم الأمر له سموا العام عام الجماعة، وسموا من دخل في ذلك واتفق له الجماعة فقالوا: إنهم أهل السنة والجماعة.
  وأكبر دليل على ما قلنا لذوي العقول السليمة: تشدد المتسمين بالسنة والجماعة على محبة معاوية وولده، وتحاملهم على علي بن أبي طالب # بتقديم غيره عليه، وتصريحهم ببغضه وذريته، والطعن عليهم، كما فعل صاحب الخارقة، وليس كذلك؛ بل السنة ما كان عليه محمد ÷؛ والبدعة ما خالفه.
[ذكر أن أول من أحدث القول بالجبر معاوية]
  وأول من أحدث القول بالجبر معاوية - لعنه الله تعالى - وأنكر عليه من حضره من الصحابة؛ لأنه قال على المنبر: إنما أنا خازن من خزّان الله، أعطي مَنْ أعطى الله، وأحرم مَنْ حرم الله، فقال له بعض الصحابة: بل تعطي من حرم الله، وتحرم من أعطى الله.
  وقال: ما أظهرني الله عليكم إلا وهو يريد ذلك، فأضاف ظلمه وغشمه إلى الله تعالى، ونسي أن مدة فرعون أطول من مدته، وسطوته على بني إسرائيل أكثر من سطوته، فانقضت أيامه وذهب سلطانه، وكان كما قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ