[بحث مفيد في أن الثناء على غير المعصوم لا يمنعه من التغيير والتبديل]
  الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، إلا من تاب توبة نصوحاً فإن الله تواب رحيم.
  وإن أراد من تقدم على إمام الحق واستولى بالأمر الذي هو # به أحق فلقد أقدم على خطر، وتمسك بغرر؛ إذ لا يأمن أن تكون تلك الأفاعيل محبطة لما تقدم من كثير وقليل، فإقدامه على تصحيح المحبة مع هذه الأمور إقدام على ما لا يؤمن كونه من المحرم المحظور، والإخبار بما لا يأمن المرء كونه كذباً على القطع يقبح كما يقبح الإخبار بما يعلم كونه كذباً على القطع.
[بحث مفيد في أن الثناء على غير المعصوم لا يمنعه من التغيير والتبديل]
  وأما قوله: «وقد ورد في الحديث أنه لا يجتمع محبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي إلا في قلوب المؤمنين، وسنذكره مسنداً».
  فالجواب: أنه لا ينكر ما تقدم منهم من السوابق الجميلة، والمساعي الحميدة، وما ظهر من الرسول ÷ فيهم من الثناء الحسن، والتزكية في كثير من الأحاديث، وإنما الكلام في خواتم الأعمال، وحفظ المستحق على تلك الحال عن الضياع والإهمال.
  وقد ذكرنا أن استحقاقهم لتلك المدائح والثناء الجميل في تلك الحال لا يمنع من تغييرهم وتبديلهم وغلطهم بما يبطل ما تقدم من محاسن تلك الخلال، وبينَّا أن في ادعاء بقاء ما وقعت به البشارة من الجنة مع جواز مواقعة القبائح إغراء لمن ليس بمعصوم؛ لكون نفسه داعية إلى الهوى، وقد أمن عند(١) هذا القائل بتقديم البشارة من العذاب، فينهمك حينئذ في الآثام، وذلك لا يليق من الحكيم، ولا من الرسول صاحب الدين القويم أن يقع عنه ما يدعو إلى القبيح؛ لأن الإغراء بالقبيح قبيح، وقد ذكرنا هذا الكلام مراراً ولم يحصل من الفقيه جواب، ولا يحصل جملة
(١) آمنه وأمنه تأميناً.