[انتقاد الفقيه لما لا غرض فيه والرد عليه]
  الهجم على الشيء بغير دليل؛ ففارق العلم فإنه اعتقاد قطعاً للشيء على ما هو به، وفارق التقليد بأنه ليس مضافاً إلى اتباع الغير، بل فعله هو ابتداء، وإن كان يجوز خلافه، وبذلك ساوى التخمين؛ لأن المخمن هو الممثل للشيء، أي يجوّز كونه على الحالة أو على خلافها، وإن افترقا في وجه آخر.
  وقد يقول الإنسان: افعل كذا بالبخت، ويريد أنه يتبع الحظ، فإن كان في المعلوم أن له فيه نفعاً وصله، وإن لم يكن لم يصل، ولعل هذا قد عرف جنسه، وهي لفظة اصطلاحية بين الأصوليين في أمور الديانة، وأصلها في اللغة ما ذكرنا.
  وأما قوله: «وعلى هذا بنى إمامه رسالته» فهو(١) منه اعتماد على سبابه المعتاد، فالعوض عند رب العباد، وهو للظالمين بالمرصاد.
[انتقاد الفقيه لما لا غرض فيه والرد عليه]
  ثم قال: قال القدري: وأما انتقاده ما يكتب بالألف وهو بالياء فهو كلام غير محصل؛ لأن الأصل الكتابة بالألف في الجميع، ولم يقع خلاف في ذلك، وإن كان في بعضه ترجيح، وإنما المنقود عند الكتاب أن يكتب ما هو بالألف بالياء؛ لأن الألف أصل في الجميع، وكان الاشتغال بسائر ما في الرسالة أنفع له من تتبع ما لا يحصل له فيه طائل غرض، لولا حرمان التوفيق.
  وعلى أن الغلط في النسخ من سهو الناسخ، وطغيان القلم، حتى في القرآن الكريم، ولو كان في ذلك حجة لازمة لاحتج بمثله أعداء القرآن الكريم، من الملحدة وغيرهم، كمثل ما يقول به هذا الجاهل، ولم يتول مولانا نسخ الرسالة بخطه، ولو كان ذلك كان كالسهو والغلط، فأين الحجة حتى يتوجه للمخالف ما رامه من التعنيف؟ ولقد رام بهذا الانتقاد وأمثاله ما يقصر عنه باعه، ولا يتسع له ذرعه(٢) ولا ذراعه؛ لأن للإمام # من اليد الطولى في فنون الأدب، ما
(١) بداية جواب الإمام #.
(٢) الذَّرْع: الطاقة والوسع. تمت معجم.