[سؤال التأييد والهداية لا يحسن إلا من الموحدين]
  وكذا وكذا.
  وإنما يحسن منا أن نسأل الله تعالى فعل ما توجبه حكمته؛ لأنه تعالى أمرنا بسؤاله، وإن كان تعالى يفعله لا محالة، وقد قال تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ}[الأنبياء: ١١٢]، ولأنه قد يكون لطفاً لنا عند السؤال، ولا يكون لطفاً إن لم نسأل.
[سؤال التأييد والهداية لا يحسن إلا من الموحدين]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «والتأييد عندنا هو تقوية أمر الإنسان بالبصيرة من داخل، وتقوية البطش من خارج، وهو المراد بقوله تعالى: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ}[المائدة: ١١٠]».
  فالجواب: أنا قد بينا أن التأييد إنما يصلح إذا كان العبد فاعلاً، فأما إذا كان الله تعالى هو الفاعل فكأنه تعالى يؤيد نفسه فهذه جهالة.
  وأما استدلاله بقوله تعالى: {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} - ففيه دلالة على أن الأنبياء فاعلون لأفعالهم، وإلا لم يحسن التأييد، على أن تأييد روح القدس إنما يفعل من خارج؛ لأنه لا يمكنه أن يفعل في باطن الإنسان وهو فعل التأييد من باطن ومن خارج.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: ونسأله الإرشاد، وهو الهداية والدلالة - فعبر(١) أيضاً عن الإرشاد بالهداية، وليس هو كما زعم، وقد ذكرنا معناه قبل هذا».
  فالجواب: أنا قد بينا أن الإرشاد سواء كان هو الهداية والدلالة أو غيرهما، إنما يحسن إذا كان العبد يفعل أفعاله، فأما إذا كان تعالى هو الفاعل فلا فائدة في هداية ولا دلالة، فالسؤال يحسن من الموحدين، لا من المجبرة القدرية.
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.