كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى قياس الغائب على الشاهد والعكس]

صفحة 137 - الجزء 3

  فإن⁣(⁣١) الشاعر يأتي بما يوافق غرضه ولا يتبع حجة ولا دلالة فقد قال بعضهم أيضاً:

  إِنَّ أَبَا ثابِتٍ لَمُجْتَمِعُ الرَّأ ... يِ شَرِيْفُ الآباءِ والبَيْتِ

  لا يُخْلِفُ الوَعْدَ والوَعِيْدَ ولا ... يَبِيْتُ مِنْ ثَارِهِ على فَوْت

  فمدحه بالوفاء بالوعيد؛ كما مدحه بالوفاء بالوعد، وهذا كما ترى صاع بصاع، وذراع بذراع.

  فأقول وبالله التوفيق: قد قلنا لك أولاً: إنا لا نسلم أن الوعيد تناول هؤلاء القوم⁣(⁣٢)، الذين عاقبة أمرهم إلى الجنة، بل هو منصرف إلى من يخلد في النار، واستدللنا على ذلك بما فيه كفاية».

  فالجواب: أنا قد بينا أن اللفظ عام في كل عاص، إلا ما خصه الدليل فإنه يخرج بدليله بعد دخوله تحته، فإن كانت معه دلالة على إخراج الفساق، وإلا بقوا تحت العموم، وأبطلنا قول من نفى العموم رأساً، وأبطلنا ما ادعاه من أن اللفظ يصلح للعموم والخصوص في الأصل، ويكون كاللفظ المشترك يطلب الترجيح لأحد الأمرين، ودللنا على جميع ذلك، فلا وجه لإعادته.

[معنى قياس الغائب على الشاهد والعكس]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «ولكنا نقول: العجب كل العجب من هذا الرجل الذي قاس الشاهد على الغائب في كثير من أصوله، وشبه الله تعالى بخلقه، ولم يفرق بينهما، فإنه قال: إن الله تعالى إذا فعل كذا كان قبيحاً؛ لأن الحكيم من حكمائنا إذا فعل مثله كان قبيحاً، بل أكثر مذهبه إنما هو قياس للشاهد على الغائب، من غير علة جامعة بينهما، فلما جاء ما يخالف مذهبه فرق بين الشاهد


(١) بداية جواب الشيخ محيي الدين ¥.

(٢) قال ¦ في التعليق: فمن أين دخلوا النار ثم حكمت بخروجهم بشفاعة النبي المختار، وعندك أنها لا تناولهم آيات وعيد الملك الجبار؟! ..