كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[ذكر ما أجمعت عليه القدرية]

صفحة 362 - الجزء 1

  ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٥}⁣[الأنعام]، ولا بد من ذكر بني أمية وبني العباس فيما بعد إن شاء الله تعالى.

[ذكر ما أجمعت عليه القدرية]

  والذي أجمعت عليه القدرية: أنه تعالى يخلق أفعال العباد، وأنه يريد الكفر والقبائح، وأن جميع ذلك بقضاء الله وقدره، وأنه يضل عن الدين من يشاء، وأنه يلبس على الناس.

  وبعضهم زعم أن الإستطاعة مع الفعل، وأنه لا يثيب ولا يعذب على الأعمال، وعندهم أنه تعالى يمنع من الإيمان ويكرهه ولا يريده ثم يعذب عليه مع قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا}⁣[الإسراء: ٩٤]، ويقولون: إنه يخلق خلقاً للنار مع قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣[الذاريات].

[ذكر الضرارية]

  ومنهم الضرارية أصحاب ضرار بن عمرو، ومذهبه جواز مقدور بين قادرين، ومن قوله: أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وأن الاستطاعة قبل الفعل وهي بعض المستطيع، وأن الله تعالى يُرَى بحاسة سادسة، وأن الجسم أعراض مجتمعة، وأن لله سبحانه ماهية لا يعلمها إلا هو.

[ذكر الجهمية]

  ومنهم الجهمية أصحاب جهم بن صفوان، كان بترمذ، وله مذاهب فاسدة لا يوافقه عليها أحد من الأمة؛ منها: أن الجنة والنار يفنيان، ومنها: أن الإيمان هو المعرفة ولا فعل للعبد البتة، وكان يقول: ما يتلى ويقرأ ليس بكلام الله، وكان خرج مع الحارث بن شريح فقُتل بمرو، وقتله سلم بن أحور في أواخر أيام بني أمية، وكان بعض أصحاب واصل بن عطاء ناظره وقطعه وأظهر الرجوع عن مذاهبه، فلما رجع صاحب واصل إلى البصرة، رجع جهم إلى مذاهبه الفاسدة، وأتباعه وأتباع ضرار قليل.