[تشبيه حال الوصي بعد وفاة النبي ÷ بحاله ÷ في مصالحته لقريش]
[تشبيه حال الوصي بعد وفاة النبي ÷ بحاله ÷ في مصالحته لقريش]
  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: «وأما ما ذكرت من النبي ÷ ومصالحته لأهل مكة فخارج عما نحن فيه من وجهين؛ أحدهما: أن النبي ÷ إنما فعل ذلك بوحي من الله، ولا تقدر على أن تدعي مثل هذا لعلي #.
  والثاني: لعلمه بما في ذلك من المصلحة، وأنه سبب للفتح، وسبب لإسلام كثير من الكفار، حتى نقل أنه أسلم في مدة المهادنة من لا يحصى كثرة، وليس في عمل النبي ÷ أكثر من رد المسلمين إليهم، وليس في ذلك إلا تعذيب بعضهم على الإسلام فينال بذلك من الله ثواباً جزيلاً، وخطراً عظيماً، أو يشتد عليه العذاب ويلجأ إلى النطق بكلمة الكفر، فينطق بها مكرهاً ولا حرج عليه في ذلك، لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦]، وفي قعود علي # عن هذا الأمر تغيير الأحكام في الدماء والفروج والأموال، وكونها باطلة فتبطل الأنكحة، ويكون الناكح زانياً والمنكوحة كذلك، والأولاد زنا، والأموال محرمة، والحقوق ذاهبة، إلى غير ذلك مما يلزم في هذا الأمر.
  لأن من علم من حال المتولي أنه لا يجوز إنكاحه، ثم نكح منه على هذه الصفة؛ كان نكاحه باطلاً، ثم ما يؤول إلى هذا من الجهالات، وينضاف إليه من الضلالات».
  فالجواب: أن ما ألزمه في مصالحة النبي ÷ للمشركين فمثله ثابت لأمير المؤمنين # فهو إلزام صحيح، وما رامه من الفرق بينهما من الوجهين غير صحيح؛ أما الأول: فإن أفعاله ÷ كان بوحي، واتباعه ÷ كان بوحي أيضاً، وهو قوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١]، وقال ÷: «لن تقتدوا بسنة نبي أهدى من سنة نبيكم ÷».