كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن جوابه حراسة للعامة وبيان ما كان يجب عليه]

صفحة 305 - الجزء 4

  النبوية، وغير رواتها وكتابها وموضعها، من الكتاب استظهاراً وإرشاداً لمن قبل الرشاد، فحثى الفقيه في وجهها التراب، ورام إسقاط البرهان، بسوء الأدب، ومر السباب، والخروج عن طريقة العلماء، وإنكار الضروريات ودفع المعلومات.

[دعوى الفقيه أن جوابه حراسة للعامة وبيان ما كان يجب عليه]

  وأما ما ذكر من أن جوابه حراسة لقلوب العوام - فهذا أشف ما ذكر؛ لأنه أوهم العوامّ أنه قد أجاب، ولكنه سلك غير طريق الصواب، فلم يضر إلا نفسه، ولا ضيع إلا حظه، وكان الأولى له أن يجيب بعلم أو يصمت، فلا واسطة بين الأمرين، قال رسول الله ÷: «رحم الله عبداً تكلم فغنم، أو سكت فسلم».

  وقد كان الواجب عليه في الدين، لادعائه أنه من أهله أن يرعى رسول الله ÷ في ذريته، والمسلمون على اختلافهم في الدين يطلبون آثار رسول الله ÷ في العود والحجر، تبركاً به والتماساً لِيُمْنِه، وكيف لا يطلب ذلك في لحمه ودمه، وشعره وبشره، وإن نفره عنا خلافنا له، اتهم نفسه ورجع إلينا، فهو بالقبول منا أولى، ونحن بأن نكون الهداة له أجدر، وإنما يُطْلَب الشيء من مظانه.

  إن تمائم أبوينا –سلام الله عليهما - من زغب ريش جبريل⁣(⁣١) لما أوحى إلى أبينا محمد ÷ ما أوحى، فطار فسقط من زغبه شيء في البيت، أخذته أمنا فاطمة & وجبت عليه فكان في أعناق أبوينا.

[مقابلة الفقيه لنصح القرشي بالإصرار والتعصب والإنكار]

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: ولولا ما نرجوه من رجوعك عن التمادي في هذه الطريقة، والظن لأخذك لنفسك بالوثيقة ما كان لحكاية هذه الأمور وجه - أفيرجوا هذا القدري أني أرجع عن محبة الصحابة والقرابة، وأشرك بالله ما ليس لي به علم، وأن أحكم على الله ما لم ينزل به سلطاناً؛ فذلك منه رجاء خائب، وظن كاذب، {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ٦٤}⁣[الزمر]، فارجع إلى الحق فهو


(١) الزَّغَب محركة: صغار الشعر والريش، وليّنُه، أو أول ما يبدو منهما. انتهى من القاموس.