كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كتاب قيس بن سعد إلى معاوية]

صفحة 450 - الجزء 1

  كانوا مؤمنين في حال القتال حَرُم قتلهم بنص القرآن، ووقع الوعيد على مَنْ قتلهم، وإن كانوا كفاراً أو فساقاً فلا صلاة عليهم.

  والمراد من هذا أن علياً # شهد عليهم بعداوة الله وهو المعلوم؛ لأن النبي ÷ يقول لعلي #: «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»، فأعظم العداوة المحاربة، فقد حاربوه.

  ثم أخبر # بقصدهم في القتال أنهم إنما قاتلوه لإدحاض الدين، وإبطال ما جاء به خاتم المرسلين ÷ وهذا كفر عند من يعرف أحكام الكفر والإيمان.

  وقد ذكر الفقيه علياً # من التعظيم ببعض ما يستحقه، وأنه يدور مع الحق أينما دار، وقد قتل ليلة الهرير خمسمائة قتيل وخمسة وثلاثين قتيلاً، فليت شعري أقتلهم عمداً أم سهواً؛ فإن كان عمداً فقد وقع الوعيد على قاتل العمد إن كانوا مؤمنين كما ذهب إليه صاحب الخارقة، وكيف يطلق اسم الإيمان عليهم وعلى قاتلهم دفعة واحدة، وإنما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، وسماهم مؤمنين لاتفاقهم على الإيمان في الأصل، ثم فرق بعد ذلك في الاسم والحكم بقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}، فسماهم بغاة وهي فئة باغية، {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩]، معناه: ترجع، وكيف ترجع إلى أمر هي فيه، فلولا أنها خرجت من الإيمان لم تقاتل حتى ترجع إليه.

  فلولا كلال الحد، وشقاوة الجد، وغلبة الجهل، وضلال العقل، لما ذهب إلى هذه الأحوال الواهية والعقائد المتنافية، وهل يجوز لرجل يدين بالإسلام ويدعي العلم إطلاق القول بجواز سفك دماء المؤمنين، أو فعل علي # عندك ما لا يجوز، وارتكب المحظور، فأنبئنا عن الدخيلة المدخولة في العقيدة المرذولة.

[كتاب قيس بن سعد إلى معاوية]

  هل علمت كتاب قيس بن سعد إلى معاوية: أما بعد: فإنما أنتَ وثن ابن