[بحث لمعنى إيجاب الثواب على الله سبحانه]
  فالجواب: أنا قد أقمنا الأدلة من العقل والكتاب والسنة على استحقاق الفساق للعقاب، وخلودهم فيه أبداً، بما قليله يكفي، فكيف وقد بسطناه ليتمكن الناظر فيه.
[بحث لمعنى إيجاب الثواب على الله سبحانه]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأما الأمر الثاني وهو على قولك: الثواب حق للمثاب، وإيفاء الغير حقه واجب؛ فنقول لكم أولاً: من الموجب ذلك على الله؟ فإن قلتم: العقل أوجبه عليه، قلنا: هذا مباهتة؛ فإنا لا نسلم أن من يستخدم عبده يجب عليه في العادة ثواب؛ لأن الثواب يكون عوضاً عن العمل، فيبطل فائدة الرق، وحق على العبد أن يخدم مولاه لأنه عبد؛ فإن كان ذلك لأجل عوض فليس ذلك خدمة.
  وإن قلتم: أوجبه السمع؛ فأثبتوا لنا ذلك، فلن تجدوه أبداً».
  فالجواب: أن معنى قولنا: واجب بالعقل، أنا علمنا بعقولنا أن مع عدل الله تعالى وحكمته وأنه لا يظلم يعلم أنه يثيب المطيع على طاعته، وبيان ذلك: أنه سبحانه ألزمه الشاق، وإلزام الشاق جار مجرى إنزاله، فإذا كان إنزاله قبيحاً لا لغرض فكذلك إلزامه.
  أما أنه ألزمه الشاق فهذا ظاهر في تكليفه سبحانه عباده بالأفعال الشاقة، وأما أن الإلزام الشاق جار مجرى إنزاله فإنه لا فرق بين أن يحمل أحدنا غيره حجراً ثقيلاً، وبين أن يلزمه حملها، في أن جميع ذلك لا بد فيه من غرض صحيح، وقد ثبت أن إنزال المشاق بالعباد لا بد فيها من غرض، وهو اللطف والاعتبار، ومن عوض، وهو المنافع العظيمة المستحقة في مقابلة الألم وشبهه، وبذلك يدخل في كونه نفعاً، ويخرج عن كونه ظلماً وعبثاً، على ما قدمنا.
  وكذلك الإلزام وهو التكليف لا بد فيه من غرض وهو لا يخلو إما أن يكون نفع المكلف له سبحانه، فهو يتعالى عن المنافع والمضار؛ لأنه غني على الإطلاق،