كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في سبب سكوت علي (ع) عن المنازعة]

صفحة 441 - الجزء 2

  ما رحمت علياً في ذلك اليوم، ولما جرى من عمر من التشديد في ذلك، وكان ذا سطوة وله من نفسه ما يريد من ذلك؛ لكثرة الأعوان من قريش للأحقاد التي في قلوبهم عليه لقتل صناديدهم، وغيرهم من الناس.

  فما أنكرت أيها الفقيه من غموض أخبار البيعة قهراً لبعض ما ذكرنا، على أنا سلكنا معه مسلك المباحثة عن الألفاظ، وأما المعتمد عندنا فهي الأدلة، وقد دلت على إمامة علي #، وبطلت بذلك إمامة أبي بكر.

  وعلى أن الأمة في ذلك قائلان: قائل بإمامة علي، وهم أهل بيته وشيعته، وقائل بإمامة أبي بكر، ولا ثالث، وقد بطلت إمامة أبي بكر لما قدمنا من أنهم يعتبرون في صحتها الإجماع، وقد ثبت أنه لا إجماع لما فصلنا أنه إما إجماع بالقول والفعل أو أحدهما وسكوت الباقين يكون حجة إذا كانت الحال حال سلامة، وقد بطل جميع ذلك، وبينا أنه لو كان دليلاً لكان إجماعاً على قتل عثمان وولاية معاوية؛ فكما أن السكوت هنالك لا يدل على الرضا لعدم التمكن من النكير، وكذلك في وقت أبي بكر فيتعين حينئذ الحق في علي #؛ لأنه لا قائل في الصدر الأول سوى هذين القولين، وهذا بَيِّنٌ لمن تأمله.

[الكلام في سبب سكوت علي (ع) عن المنازعة]

  وأما قوله: «على أن الظاهر المقطوع به من حال علي # الذي لا يقدر أحد على دفعه وإنكاره أنه لو كان يعلم أن أبا بكر ظالم له وآخذ لحقه، وأنه ممن لا تصح إمامته وخلافته، وأن أحكامه في الدماء والفروج والأموال باطلة، وقدمه عن هذه الرتبة زائلة - لما وسعه السكوت، ولو سكت لكان عاصياً لله تعالى تاركاً لأمره، وإن عجز ولم يقدر وجب عليه الهجرة من البلد الذي استضعف فيها وبدل فيها دين الله، وغيرت أحكام الله».

  والجواب عنه: أن كلامه هذا كلام من لا يعقل صورة الحال، أوَهكذا يكون