[الفقيه يتمم الآثار ويصلح الأشعار]
  وسلوك طريقة ما سبقهم إليها موحد ولا ملحد، وتجويز ما ذهبوا إليه من ذلك؛ يفتح ما لا يخفى من الجهالات، ويمنع الثقة بالنصوص الواردة من الكتاب الشريف والسنة المطهرة، والأوامر والنواهي والتحليل والتحريم والإيجاب والمحاورات، وكلام الإمام بعيد عن ذلك، فما هذا التأويل البارد، والظن الفاسد؟!
  فأقول وبالله التوفيق: اما ما ذكر من الباطنية فهو كما ذكر، وقوله منكراً عليهم: وجمعاً بين الأمور بغير وجه جامع، فلقد أشبههم هذا الرجل القدري وفرقته، بتجميعهم بين الله وبين عباده في الاستدلال بالشاهد على الغائب، بغير وجه جامع، وإلا فلينفصلوا عن هذا، ولا انفصال لهم عنه».
  والجواب: أنا قد بينا الوجوه الرابطة بين الشاهد والغائب التي يصح الجمع بها، وبينا الوجوه الفاسدة التي لا يصح الاستدلال بها.
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: إن مراد الإمام بالظاهر كذا، فلعله(١) أراد ذلك، ولسنا نسلم له، أن هذا حد الظاهر في الأصول، وإنما حد الظاهر عندنا: كل لفظ احتمل أمرين، وهو في أحدهما أظهر من الآخر، فعلى هذا الحد يلزم إمامه ما قلتُ لزوماً بلا انفصال عنه، وإن كان لم يقصده، فإن كان حد الظاهر عندهم غير هذا، فليبين لي حده، وحد الشك والعلم، وليوضح لي ذلك».
  والجواب: أن ما ذكر هو الظاهر عندهم، والظاهر عندنا هو العام الشائع في جنسه، بحيث لا يظهر خلافه وإن جاز، وقد قرنا عنداً بعند(٢)، وبقي لأهل المعرفة النظر، أي الأمرين أولى.
[الفقيه يتمم الآثار ويصلح الأشعار]
  وأما قولك: «ويلزم إمامك لزوماً بلا انفصال» فالأقوال لا تلزم بمجرد القول، وإنما يراعى في ذلك الدليل الملجئ لمن يلتزم الحق والإنصاف، فأما
(١) بداية كلام فقيه الخارقة.
(٢) قَرَنَّا عنداً بعند: أي بينا حد الظاهر عندنا وحد الظاهر عندهم ..