[معاوية الفئة الباغية]
  أول الرسالة: إن الذي يقع في خاطري أن هذه الرسالة أو أكثرها ليست من الإمام، لأنها لو كانت منه لما خفيت عليه هذه الأشياء الواضحة، فهذا سبب تتبعي لما ذكرت مع إغفال لكثير من هذا الجنس وجدته في الرسالة، لعلمي أنه غير مقصود والله المستعان.
  والجواب [المنصور بالله]: أنه ناقض فيما ذكر لفظاً ومعنى؛ أما اللفظ فإنه ذكر أنه يعرف جهل مورد الرسالة، وأنها خفيت عليه هذه الأشياء الظاهرة التي لا تخفى، فحكى أنها خفيت عليه، وحكى أنها غير خافية؛ فلو قال: إنها وقعت غلطاً كان أمثل له.
  والمناقضة في المعنى: أنه طلب تتبع الصرف وغيره ليعرف حال جهل مورد الرسالة.
  ثم قال: مع إغفالي لكثير من هذا الجنس لعلمي أنه غير مقصود.
  فيقال له: لماذا عرفت أن بعض ذلك مقصود وبعضه غير مقصود؟ وما أنكرت أن يكون جميعه وقع سهواً أومن الناسخ أو غير ذلك؟ وقد ذكرنا له هذا الجنس في فصل مفرد من كتابنا هذا ليقف عليه مجموعاً إن شاء الله تعالى.
[معاوية الفئة الباغية]
  وأما قوله [أي: الفقيه]: قال القدري [أي: القرشي]: وما حكاه من مذهبه في أمر معاوية، وأن خطأه في حرب أمير المؤمنين ليس بكفر ولا فسق، بل نَكِلْه إلى مشيئة الله، ونرجو له الغفران، واعتماده في ذلك على قاعدتين: أما الأولى: فلأن النبي ÷ قال لعمار بن ياسر يوم الخندق: «تقتلك الفئة الباغية» ومعاوية في ذلك الوقت هو وأبوه كافران إنما أسلما عام الفتح.
  ثم حشا في أثناء حكايته لهذه القاعدة عدة من الروايات في ذكر حال معاوية وابنه يزيد، وبالغ في مدح معاوية، وروى فيه من الروايات ما إن صح فقد أحبطه في عاقبة أمره بما هو أعظم منه لو كان.