كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على تفسير الفقيه للظلم الذي نزه الله تعالى عنه، والرد على بقية كلامه]

صفحة 24 - الجزء 2

[الرد على تفسير الفقيه للظلم الذي نزه الله تعالى عنه، والرد على بقية كلامه]

  ثم قال [أي الفقيه] بعد ذلك في خطبته: «تعالى عن أن ينسب إليه الظلم أو الجور، بل لا يتصور ذلك في حقه ø؛ إذ هو الرب المالك العادل في حكمته وقضيته، فيتصرف في خلقه كيف يشاء لا مانع له عن ذلك ولا دافع، ولا آمر ولا ناهي، بل هو المتفرد بإرادته ومشيئته».

  فالكلام عليه في ذلك: أنه في أول كلامه هذا نزه الله تعالى عن الظلم والجور، ونِعْمَ ما قال لو استقام على ذلك، غير أنه عقبه بما ينفي اللفظ دون المعنى؛ لأن قوله: «بل لا يتصور ذلك في حقه ø إذ هو الرب المالك» فأشار بأنه لا يوصف بأنه ظالم؛ لأن الظالم من كان مربوباً، وأن الرب المالك لا يتصور منه ظلم وإن وقع منه ما صفته صفة الظلم!

  والأمر بخلاف ما ذكر؛ لأنا قد ذكرنا أن الظلم قبيح من أي فاعل وقع من مالك أو مملوك؛ لأنه قبيح لكونه ظلماً، وذلك وجه يستوي فيه المالك والمملوك والرب والمربوب، وحققنا ذلك بما فيه غناً لمن أنصف.

  وكذلك قوله: «العادل في قضيته» إن أراد أنه سبحانه لا يفعل القبائح والمخازي من الظلم والكذب والعبث والسفه، ولا يأمر بأمر ثم يمنع منه، ولا يخلق القدرة الموجبة عنده بخلافه، ولا ينهى عن شيء ويخلقه، ويخلق القدرة الموجبة لوجوده والإرادة الموجبة عنده، ويمنعه عن الإيمان وقدرته وإرادته وقدرة إرادته، ويحول بينه وبين ذلك بكل حائل، ثم يعذبه على ما خلقه فيه، ويكلفه ويذمه على ما ليس في وسعه الانفكاك منه، ويبعث إليه الرسل وينزل الكتب ويقول: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠}⁣[الانشقاق: ٢٠]، {مَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}⁣[المدثر: ٤٩]، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}⁣[محمد: ٢٤]، راداً عليه في جميع ذلك، وأنه تعالى لا يبعث نبيئاً للإضلال عن الدين، ولا يخاطب بغير بيان، ولا يكلف من لا يستطيع، وغير ذلك من مقالتهم الفاحشة