كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعوى الفقيه أن الخلة أعلى من الأخوة]

صفحة 585 - الجزء 3

  خارقتك التباس أمور من العلم وهي ظاهرة عند أهله، ونحن نقول: أحق بالعلم من أمر النبي ÷ أن يؤتى من جهته، ويطلب العلم من عنده، لأنه ÷ بُعث هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

[دعوى الفقيه أن الخلَّة أعلى من الأخوَّة]

  ثم قال [أي محيي الدين]: «وأما ما تكلم على اختصاص أبي بكر بالخلة وأنها الصحبة، فإن النبي ÷ أخبر في مقامات كثيرة بأخوة علي #.

  فأقول⁣(⁣١): أما ما زعم من أن الخلة هي الصحبة فخطأ لِما نذكره، وقوله: أخبر عن أخوة علي فغير منكور ذلك ولا مدفوع، وقد أخبر النبي بأخوة أبي بكر من غير عقد، وناهيك بها فضيلة، وذكر الخلة وبيّن أنها أعلى من الأخوة والصحبة، وسأروي لك هاهنا ما يوضح لك خلاف ما ذهبت إليه.

  فلقد روينا عن محمد بن الحسين الآجري بسندي إليه، قال: حدثنا الفريابي، قال: حدثنا المعافا بن سليمان الجزري، قال: حدثنا فليح بن سليمان، عن سالم بن أبي النصر، عن عبيد بن حنين، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي ÷ خطب الناس فقال: «إن أمَنَّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته»⁣(⁣٢).

  فسماه النبي ÷ صاحباً، وذكر أنه لو كان متخذاً خليلاً لاتخذه خليلاً،


(١) القائل فقيه الخارقة.

(٢) قال ¦ في التعليق: يأتي الكلام على هذا الحديث في حاشية آخر الجزء هذا، والقدح في فليح، وأنه مخالف لما علم من أن المنة لرسول الله ÷ على الأمة وقد قال تعالى {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ ... إلخ}⁣[الحجرات: ١٧]، وما عمله أبو بكر فمن أنواع الإيمان، فكيف يصح ما يثبت المنة لأحد على رسول الله ÷.

ثم إنه من المعلوم ضرورة أنه لا يداني أحد علياً # فيما يعد منه من المواساة والنصرة لمحمد ÷ وقد قال جبريل # في علي يوم أحد: «إن هذه لهي المواساة». وقد مرّ ذكر الروايات في أن آية: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ... إلخ}⁣[البقرة: ٢٧٤]، نزلت في علي #.