[ذكر ما فعله هارون عندما بلغه ظهور الإمام إدريس (ع) وكيف احتال في سمه]
[ذكر ما فعله هارون عندما بلغه ظهور الإمام إدريس (ع) وكيف احتال في سمّه]
  فروى محمد بن جرير: أن هارون لما بلغه من عامله بإفريقية ظهور إدريس # وقوة جانبه، قلق حتى هابت حاشيته جانبه، واجتنبوا كلامه خوفاً من سطوته؛ فجاء يحيى بن خالد فأخبروه فجاء من تلقاء رأسه، فقال: يا أمير المؤمنين مالي أراك كئيباً؟ فإن كان لحدث أو فتق، فلم يزل ذلك يقع على الملوك، ثم تؤول الأمور إلى المحبوب، وإن كان لأمر تفديك فيه نفوسنا وأموالنا فهي لك الفداء، وإن كان لأمر لا تفي به نفوسنا وأموالنا فنسأل الله كفايته.
  فقال: إن عاملي بإفريقية ألطف إليّ في كتابه، وقصّ قصة إدريس، وقد علمتَ ما بيننا وبين هذه الطالبية، والله ما هو إلا ظهورهم وكان الفناء. فقال: ليطب عيش أمير المؤمنين؛ فإني أكفيك أمر إدريس ولا يعرف هلاكه إلا مني؛ فطابت نفس هارون.
  فاستعمل سمّاً وأمر به قيل مع سليمان بن جرير(١)، وقيل مع رجل أمره أن يتزيّا بزي اليهود إذا صار في المغرب، وقيل: مع مزين. وعلى اختلاف الروايات قد صحّ سمّه # فافتخر شاعر العباسية بذلك، فقال:
  أتظن يا إدريس أنك مفلت ... كيد الخلافة أو يقيك فرارُ
  فهذه صفة أهل بيت رسول الله ÷ الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، والأُولى صفة الجبارين الظالمين.
  وقد روينا عن النبي ÷: «علي خير البشر فمن أبى فقد كفر»(٢).
(١) قال ¦ في التعليق: ورواه الإمام الموفق بالله # في كتاب سلوة العارفين أظن مرسلاً.
(٢) قال ¦ في التعليق: أخرجه في المحيط، وأبو العباس الحسني في المصابيح، عن ابن وائل، عن جده مرفوعاً، وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى حذيفة مرفوعاً، وأخرجه عن جابر موقوفاً، وأخرجه أبو يعلى، وابن عساكر، وقال: روي عن عائشة، ورواه برهان الدين في أسنى المطالب بسنده إلى جابر مرفوعاً، وأخرجه الخطيب عن علي، وحذيفة مرفوعاً، وذكره في الإقبال عن =