كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان شفاعة النبي ÷]

صفحة 114 - الجزء 4

  والجواب [المنصور بالله]: أن الخبر إذا ظهر وانتشر، لم يجب أن يراعي الإنسان فيه إلا الإحالة على علم نفسه في معرفة صحته، وقوة ثبوته، من غير التفات إلى طريقه، وبهذه الطريق يصح العلم بمخبر الأخبار المتواترة، فإن المرء يرجع في حصولها إلى حالة نفسه، دون تتبع أحوال المخبرين، وصفاتهم وأسمائهم، وألقابهم وأوقاتهم؛ حتى أن العلم بمخبر الأخبار قد يحصل بخبر الكافر، كما ذلك مذكور في موضعه من أصول الفقه، إذا كان قد رآها أو سمع بها.

[بيان شفاعة النبي ÷]

  ثم قال [أي: الفقيه]: هب أنه قد صحح ذلك فيلزمه على مقتضى قوله إلزام لا محيص له عنه فأقول: ليت شعري، أهذا الحديث الذي أوردته اشتهر عند الصحابة والتابعين، والسلف الصالحين، وعامة علماء المسلمين، دون الضالين المبتدعين، من لدن النبي ÷ إلى يومنا، أم حديث الشفاعة الذي قد صار متواتراً من طريق المعنى، وتلقته الأمة بالقبول، حتى صار يعرفه الخاص والعام، والعالم والجاهل، ولم يرده إلا سفهة القدرية، وحديثك هذا الذي أوردته لا يعرفه إلا الخواص من أهل العلم، وهو من أحاديث الآحاد.

  فإن قلت: حديثك أشهر، كابرت العيان، وأبيت البرهان، وإن قلت: حديث الشفاعة أشهر فقد صرت برده كافراً محضاً، ومشركاً صرفاً.

  فالجواب [المنصور بالله]: أن المعارضة منه لهذا الخبر في حق معاوية الملعون بخبر الشفاعة، إن أراد حديث الشفاعة على سبيل الجملة، وأنه ÷ يَشْفَع يوم القيامة ويُشَفَّع، فلا شك أن حديث الشفاعة معلوم، وهو مساو لحديث الفراش في الظهور؛ بحيث أن الكل معلوم بالتواتر.

  وإن أردت أن الشفاعة لأهل الكبائر والمعاصي، فذلك ما لم يتواتر، ولا تحققه العترة الطاهرة، وأتباعهم من علماء الإسلام.

  وأما ما رواه أهل الإرجاء فهو آحاد، وأعظم حاله أن يكون من الآحاد، فهو