[انقلاب الحجة على الفقيه في جميع استدلالاته]
  تعالى خالقاً لها لوصف بفعله لها بأنه ظالم عابث، سفيه كاذب؛ تعالى الله عن ذلك كله.
  والوجه الخامس: أن الأفعال لو كانت منه تعالى للزم أن يكون خالقاً لسب نفسه، وسوء الثناء عليه، وتكذيبه فيما وعد به، وتكذيب أنبيائه، وخالقاً لدعوى الولد له سبحانه والشريك، وذلك شناعة وكفر لم يبلغ إليه عاقل، فقد وضح لك بجميع ما ذكرنا أن العباد فاعلون لأفعالهم الحسن منها والقبيح، وهذا واضح لمن تأمله بحمد الله ومنِّه.
[انقلاب الحجة على الفقيه في جميع استدلالاته]
  وأما قوله بعد ذلك: وكم في هذا وغيره مما ذكرنا من الأحاديث والآثار، لولا ما قصدنا من الاختصار، فما تقول أيها الرجل، أتصدق في هذه الأحاديث المنقولة عن النبي المختار، وتدع قول عمرو بن عبيد والجاحظ والنظام، ورأي أبي الهذيل وابن سيار؟ أم تردها وتسلك سبيل المعاندين الأشرار، فتقول قول النبي ÷ قدوة بتمييز أهل الجنة من أهل النار».
  فالجواب: أن قوله: لولا ما قصدنا من الاختصار؛ فنقول: لو زاد أخباراً من هذا الجنس لكانت الحجة عليه لا له؛ لأنه لا يجد في الكتاب الكريم والسنة الشريفة أن الله تعالى يفعل أفعالاً ثم يعذب عليها لِمَ كانت، ولا يثيب عليها كما وجدت من جهته ø، وهذا هو نهاية غرض المورد للأخبار.
  وأما قوله: «فما تقول أتصدق في هذه الأحاديث؟».
  فالجواب: أنا قد بينا أن رواة هذه الأخبار صنفان أقربهما روايته وأهل نحلته إلى صاحبي الصحيحين؛ فهذا فيه كلام، والأولى أن روايته ومن انتحل مقالته أن الكذب جائز كما ذكره في هذه الرسالة - أن لا يوثق بروايته ولا يعتمد على حكايته.
  وأما من روى عنه هذان الشيخان فحمل أمورهم على السلامة أولى؛ لأن ذلك هو الواجب فيمن لم يظهر لنا حاله، وقد ذكرنا ما اشتملت عليه الأخبار،