كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[سخاء الإمام علي (ع) وزهده]

صفحة 525 - الجزء 4

  يدفعهم عن النبي ÷ وأفنى صناديدهم بالسيف في كبره، فلم ينفك عن الجهاد صغيراً ولا كبيراً، وكانوا يرمونه بالحجارة حتى أدموا كعبيه وعرقوبيه، فشد عليهم فهزمهم بإذن الله فهو أحد الأقوال في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ٥٠ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ٥١}⁣[المدثر].

  وله ولعمه وابن عمه سابقة بدر لا ينازعهم فيها منازع، وثبت في حنين في وجه أربعة وعشرين ألفاً يضارب بسيفه والهاشميون محيطون بالنبي ÷ منهم العباس ¥ وافتخر بذلك ابن المعتز فقال في القصيدة التي أولها:

  أَبَى اللهُ إلاَّ مَا تَرَوْنَ فَمَا لَكُمْ ... غِضَاباً عَلَى الأقدارِ يَا آلَ طَالِب

  وافتخر بيوم حنين فرد عليه القاضي التنوخي | وقال:

  وَيَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ حُزْنَا فِخارهُ ... وَلَوْ كَانَ يَدْرِي عدَّها في الْمَثَالِبِ

  وهلْ وَاقِفٌ في حَوْمَة الْحَرْبِ حَائِرٌ ... وإنْ كان وَسْطَ الصفِّ إلاَّ كَهَارِبِ

  فهلاَّ كَمَا كَانً الوَصِيِّ مُصَمِّماً ... يُعَصَّبُ بالْهِنْدِيِّ كَبْشَ الْعَصَائِب

  وهو وإن أنصفنا فلم ينصف بها عمنا العباس ¥ لأن وقوفه مع النبي ÷ تسلية ومواساة، وإن كان أحد لا يبلغ درجة علي # فالشجاعة دون علمه بكثير، فوقفوا حتى ترادت المنهزمة وكان الفتح.

  ثم وقوفه على فراش رسول الله ÷ متسجياً ببرده، فادياً له بمهجته، ولا نعلم أحداً أقتل لصناديد المشركين منه، وأتبعهم بعفاريت الفاسقين من الناكثين والقاسطين والمارقين.

[سخاء الإمام علي (ع) وزهده]

  ثم السخاء وقد أنفق أصحاب رسول الله - جزاهم الله خيراً - نفقات جزلة ولكن لم يتفق لأحد مثل ما اتفق له، كانت له أربعة دراهم فأنفق واحداً ليلاً وواحداً نهاراً فنفقة الليل لانقطاع المضطر من الطلب والنهار ليقتدى به، ولا يخلو عصر من صدقته على ضيق حاله ورقته.