كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[عدم جواز إخلاف الوعيد]

صفحة 79 - الجزء 3

  أقل أو أكثر؛ لأن مع التعيين تخرج عن عمومها، ويبطل بذلك أيضاً أن تكون صالحة بحقيقتها للشمول والخصوص، وتكون بمثابة الألفاظ المشتركة؛ لما بينا من أنها حقيقة في العموم.

  فإن استعملت فيما عداه كان مجازاً⁣(⁣١)، ويجوز استعماله عند الحاجة إليه، دون أن يجعل كالحقيقة في جواز استعماله بغير ضرورة، وعلى أن أهل اللغة قد عقلوا معنى الشمول والاستغراق، ومست حاجتهم إلى أن يضعوا له عبارة، فلا يجوز أن يضعوا للأسد مائة اسم، وللخمر خمسين اسماً، مع أنه يكتفى بواحدة من ذلك، ولا يضعوا للشمول اسماً مع شدة الحاجة إليه.

  فإن قيل: إنهم وضعوا اسماً مشتركاً، قيل: ولا بد أن يضعوا له اسماً يخصه، كما وضعوا لغيره من المسميات التي عقلوها اسماً يخصها، فصح ما ذكرناه، وبطل قول أصحاب الخصوص، كما بطل القول بالاشتراك لما قدمنا، وهو واضح لمن نظر فيه من أهل هذا الفن بحمد الله.

  وأما تمثيله بالآيات، فهو مبني على مذهبه في الاشتراك، وقد بطل، فيبطل ما بناه عليه، وللآيات الشريفة معان لا نشتغل بذكرها الآن؛ لكون الجواب يغني عما أورده.

[عدم جواز إخلاف الوعيد]

  قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: والذي يدل على الرابع، فهو أن إخلاف الوعيد يكشف عن أن الخبر كان كذباً.

  ثم قال [أي فقيه الخارقة]: فغير صحيح؛ لأن الله سبحانه قد ندب عباده إلى العفو، ولا يجوز أن يندبهم إلى الكذب، ومن خالف وعيده في الغفران والعفو لا يسمى كاذباً، ولا ينسب في اللغة إلى الكذب، بل ينسب إلى الكرم، وقد ثبت في عقل


(١) ولأنه إذا سُلِّمَ أنها في العموم حقيقة كان حملها على أنها في الخصوص مجاز أولى من الاشتراك لغلبة المجاز كما قرر في أصول الفقه. انتهى من التخريج.