[معنى الجبر والقدر]
  منصوص عليه من الكتاب والسنة، وليست لهما هذه المنزلة القوية في باب الإمامة، والدليل على أنهما ليسا بإمامين أنه لا طريق إلى ذلك من إجماع، ولا نص، ولا غير ذلك.
[معنى الجبر والقدر]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة] عقيب حكاية مذهب المجبرة، التي لم يرو شيء منها عن زيد #: «هذه دعوى لا شاهد عليها ولا دليل، وقد بينا من المجبرة القدرية، وأنه وفرقته المجبرة معنى، والقدرية حقاً».
  فالجواب: أنا قد بينا بما ذكرنا من المسائل ما عرض بدلالته، وبينا أنهم المجبرة والقدرية؛ لقولهم: إن الحوادث فعل الله لا يمكن العبد الخروج عنها بحال، وهذا معنى الجبر، وقدرية لقولهم: بأن الله تعالى قدّر عليهم المعاصي، ولقولهم: بأن الله خالق كل محدث من حسن وقبيح، وأنهم أحق بمشابهة المجوس، للوجوه التي قدمناها في غير موضع.
[قولنا: إذا فعل كذا كان كذا لا يلزم منه التشبيه]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وأنهم قد شبهوا الله بخلقه في قولهم: إذا فعل كذا كان كذا».
  فالجواب: أنه إن أراد من أطاع دخل الجنة مثاباً، ومن عصى دخل النار معاقباً، فذلك أمر دل عليه القرآن الكريم والسنة الشريفة، فكيف يقتضي ذلك تشبيهاً؟ وإن أراد الاستدلال بالشاهد على الغائب، فقد بينا الوجوه الصحيحة، التي يجمع بها بين الشاهد والغائب، وبينا الوجوه الفاسدة التي لا يصح بها الجمع بين الشاهد والغائب، وبينا أيضاً أن اشتباه الفعلين لا يدل على اشتباه الذاتين على الإطلاق، بل الاشتباه يقع بصفة الذات، بشرط الاشتراك فيها، وإن كان في الأفعال ما يتوصل به إلى ذلك بدرجات ومنازل، على ما ذلك معروف عند أهل هذا الشأن من أهل العدل.