كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان حقيقة العدل]

صفحة 208 - الجزء 3

  يستقيم، وفوق كل ذي علم عليم.

  وكان الموجب لما ذكرنا تكريره طلب تصحيح الاعتزاء إلى زيد بن علي #، فحكينا له ما عرفنا من معنى لفظه، وأريناه أن ما زاد على ذلك لا يلزم من اعتزاء كل إلى أي مذهب كان، فإن عقل معنى غير ما ذكرنا فليجعله مثالاً في مذهب نفسه، ويقول إنما اعتزيت إلى فلان من إمام أو عالم فقيهاً كان أو موحداً لوجه كذا، ولأن المعتبر في الاعتزاء كذا، ويكون ما يقوله غير ما ذكرنا من الجملة التي يجب اعتقادها، ومن التفصيل الذي لا يدخل تحت الوسع، اللهم إلا أن يكون ذلك عنده صحيحاً بيَّن الحجة عليه، واستقصى في صحة اعتزائه إلى من يعتزي إليه.

[بيان حقيقة العدل]

  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «وقد بينا أن عدلهم جور».

  فالجواب: أنا قد بينا بالأدلة المتقدمة، أن العدل هو في إضافة أفعاله إليه سبحانه، دون أفعال العباد، التي فيها الظلم والكذب والفساد والجور، وإن أراد بذلك سيرتنا وطريقتنا، فمن عرف طريقتنا علم فساد قوله هذا وكذبه علينا، ولأنه يخرج بإضافته الجور إلينا عن مذهبه؛ لأنه معتقد أن الجور فعل الله دوننا، ويزعم أن ذلك محض التوحيد، فأي لوم علينا؟! وفيماذا يلوم؟

[الفقيه يشترط ذكر الراوي وهو لا يذكره]

  ثم قال: «وأما قوله [أي الشيخ محيي الدين]: ولو لم يكن في ذلك إلا ما روت الزيدية عن ثقاتها. قيل⁣(⁣١): فلسنا نسلم له صحة هذه الرواية، ولا ذهب أحد من أهل الحديث إلى ذكر مثل هذه الرواية ولا بصحتها، وهذا كما تقول روت الشافعية والمالكية كذا، وهذا غير مقبول عند أهل النقل، بل لا يقبل إلا ما رواه عدل عن عدل، ويذكر اسمه واسم أبيه، حتى يكون معروفاً مشهوراً، فأما من غير تسمية فغير مقبول ذلك، أو يكتفي باسمه إذا كان معروفاً به».


(١) بداية كلام فقيه الخارقة.