[الأولى: نصرة الله لنبيه بأبي بكر - والرد عليها]
  تعريف أصول الشريعة التي هي لطف في العقليات.
  وإن كان قد عرف ذلك، ولكن خاف على نفسه، فكيف يغيب عنه أنه لو صاحب رجلاً من الرعية لما أسلمه إلى عدوه إلا أن يغلب عليه، أو تتلف نفسه معه، فكيف بسيد المرسلين، الجامع لخصال الفضل، التي فاق بها الأولين والآخرين، وهل في هذا إلا إساءة الظن بالنبي ÷، أو الجهل بأنه # لا يستحسن إسلام رفيقه إلى من يسيء إليه.
  وإن كان الحزن ندماً على مفارقة الوطن، والوقوف في الغربة مع المخافة؛ فذلك لو وقع لكان ردة، أو هو سوى ذلك من الوجوه التي يصرف إليها الحزن؛ فكان على الفقيه يبينه بدلاً من الأذية والسب، الذي لا يدل إلا على سوء الأدب.
[دعوى الفقيه: وجود سبع مناقب لأبي بكر في آية الهجرة:]
[الأولى: نصرة الله لنبيه بأبي بكر - والرد عليها]
  وأما قوله [أي فقيه الخارقة]: «والذي حضرنا ذكره سبع مناقب، نذكرها على وجه الإيجاز والاختصار، ليقر الله بذلك عين السني، ويسخن بها عين الباغض القدري؛ فنقول:
  المنقبة الأولى: في قوله: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ}[التوبة: ٤٠]، والمراد هاهنا أنه نصره الله بأبي بكر، لأنه قال بعده: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ}[التوبة: ٤٠]، فجعل الله سبحانه أبا بكر الصديق عوضاً للنبي ÷ ممن لم ينصره، وأقامه مقام الجمع الكبير والجم الغفير».
  فالجواب: أنه وإن كان يستحق أن يقال: له مناقب، لكن ما ذكر هاهنا ليس منها؛ لأنه تعالى حكى أنه ينصره بعد أن أخرجه الذين كفروا ليس معه إلا رجل واحد من أصحابه، فذكر سبحانه المنة بالنصر بعد الخروج والوحدة لا بهما.
  والنصر ما وقع له ÷ من الفتوح، ومنها عوده إلى مكة وفتحها، وإجارته