[دعوى الفقيه أن وزير صاحب المدينة أعرف وأعلم ممن هو باب المدينة – والرد عليها]
  الافتخار والعجب بنفسه، والإزراء على عباد الله الصالحين، والازدراء لمن لم يثبت في حقه مثل ذلك؛ قبح لأجل ذلك، وقد قال يوسف #: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ٥٥}[يوسف]، فأي شرف أفضل من الحفظ والعلم فمدح به نفسه.
  والغالب على الفقيه بَذْلُ الجهد في صرف ما جعل الله لوليه أمير المؤمنين على لسان نبيه ÷ {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ٨}[الصف]، وقد رام أهل البسطة والباع فعجزوا عن ذلك، والفقيه قد صار مولعاً بالقدح فيما يدل على علو منزلة أمير المؤمنين كما قدمنا.
  وأما حكايته الخبر عنه # الذي في تصديق أبي بكر فلسنا نشك في ذلك، ولكن الأعمال بخواتيمها.
[دعوى الفقيه أن وزير صاحب المدينة أعرف وأعلم ممن هو باب المدينة – والرد عليها]
  ثم قال: «وأما قوله [أي محيي الدين]: إني قلت: إن الخليل أولى من صاحب الباب، وإني غلطت فيه من وجهين؛ أحدهما: أن النبي ÷ جعله مثلاً للعلم، والثاني: أنه لم يقل: إن علياً بواب، ولست أنكر أنه جعله مثلاً للعلم، ولا أقول: إن علياً بواب، ولكنه كذب علي من وجهين:
  أحدهما: فإني لم أقل إن الخليل أولى، ولا قلت: إن علياً بواب، ولكني قلت: ألم تعلم أن أبا بكر وزير صاحب هذه المدينة، فأخبرني أي مرتبة في العلم، ومعرفة سر الملك، أوزيره أم من هو باب مدينته؟».
  فالجواب: أن الفقيه صار يتعجّل لفظة التكذيب متى حُكي له اللفظ بالمعنى، ولهذا فإنه متى أعاد كلامه الذي أنكره عرف السامع أنه ما حكى عنه إلا ما قاله، فما الفرق بين حكايتك هذه عن نفسك وبين ما أنكرته وكذّبت حاكيه عنك؟ لولا قلة الدين، ومحبة أذية المسلمين.