كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان أستدلال الفقيه على إمامة أبي بكر]

صفحة 360 - الجزء 4

[بطلان أستدلال الفقيه على إمامة أبي بكر]

  ثم قال [أي الفقيه]: وأما قوله [أي القرشي]: وليس ما قالوا أولى من الأقوال التي رويناها من قبل أن المراد ثقيف أو حنين أو غير ذلك فنحن نقول: قولنا أولى لما ذكرنا من الآية، ولكون المائدة من آخر ما نزل من القرآن؛ لأنه لم يقاتل المرتدة بعد النبي ÷ أحد غير أبي بكر؛ فثبت أن ما قلناه أولى.

  فالجواب [المنصور بالله]: أنا ذكرنا طرق إسناد هذه الروايات، والفقيه لم يذكر لما رواه طريقاً فيعتمد عليه، ويرجح خبره على ما رويناه.

  وأما قتال أهل الردة فهو وإن كان أبو بكر قاتلهم فصحة الجواب مبنية على أن أبا بكر هو المراد بالخطاب هو وأصحابه، فأما بمجرد القتال فقد قاتل كل واحد ممن ذكره المفسرون، فما له في هذا من اختصاص دونهم، ولو قال أحدهم: الصحيح أنه نزل في كذا ثم يسند ذلك كان أولى منك، فما الوجه الذي أوجب صرف ذلك إلى ما ذكرت.

  وعلى أنه لو صح أن المراد به أبو بكر لم يدل على الإمامة، فقتال أهل الردة فرض على المسلمين بإمام وغير إمام، بخلاف قتال البغاة والفساق فإنه يحتاج ولا سيما مع قصدهم إلى مواضعهم؛ فإنه لا يجوز قصد البغاة إلى مواضعهم إلا بإمام، وهو إجماع⁣(⁣١) بين أهل البيت وفقهاء العامة في هذه المسألة إن كنت تعرف ذلك.

  فحمله على دعاء علي # أولى لأن فيه فائدة وهو إجابة الداعي إلى أمر لو لم يكن الداعي مستحقاً لما جازت إجابته فتأمل ذلك لتعلمه، فإن دين الله لا يدرك بالتمني، ولا ينال بالشهوات، وله أهل يجب الرجوع إليهم، وهم الذرية الطيبة الميامين آل طه وياسين، لم يَرُعْهُم خوف الظالمين من إظهار دين رب العالمين،


(١) الإجماع على أنه لا يجوز قصد البغاة إلى ديارهم إلا بإمام. تمت.